ترتفع صادراتك من النفط، ويصبح هو إيرادك الرئيسي، فإن ذلك ينعكس إيجاباً على العملة، فترتفع نسبة إلى العملات الأخرى. وحين ترتفع عملتك، تقل صادراتك، وتزيد وارداتك، لأنك تشتري بعملتك المرتفعة أكثر مما يشتري غيرك بعملتهم المنخفضة. وحين تزيد وارداتك فهذا سيؤثر على المنتج المحلي بالتبعية، مما يسبب الركود الاقتصادي ووقوف أي نشاط إنتاجي لأن تكلفة استيراد المنتج ستكون أقل من تصنيعه. ماذا يعني كل هذا؟… يعني أن «لعنة» انتاج النفط ستؤثر سلباً على الصناعات غير النفطية على المدى الطويل.
هذا ما يسميه الاقتصاديون «المرض الهولندي»، وهو مرض يصيب الدول النفطية التي لا تحرص على تنمية الاقتصاديات الأخرى فيها، وهي غير المتعلقة بالثروة النفطية. وكلما ضاع التوازن الاقتصادي بين القطاع النفطي والقطاعات الأخرى، كان لذلك أثر سلبي على المجتمع على «المدى الطويل». إن ماتقوم به الحكومات المتأثرة بانخفاض سعر النفط من إجراءات إنقاذية من رفع سعر البنزين أو سعر الكهرباء وزيادة الرسوم هنا وهناك، ماهي إلا ردات فعل وإجراءات «قصيرة الأمد» أو بلغة الطب: علاج طارئ، وليس وقائياً من الانفلونزا!
هناك أمثلة كثيرة لدول سبقتنا في مواجهة هذه التقلبات في أسعار النفط، وعملت باكراً لمعالجة آثارها السيئة على المجتمع، ومن هذه الدول أندونيسيا، التي استخدمت إيرادات بيع النفط في تطوير وتنمية القطاع الزراعي، مما يقلل التكلفة على المزارعين ويحثهم على تنمية هذا القطاع والتصدير بأسعار تنافسية.
ان فشل «التنمية» طويلة الأمد، كشفه انخفاض أسعار النفط، وكلما زادت الإجراءات الطارئة التي تحمّل المجتمع -الذي لا ذنب له- هذا العجز في الموازنة، كلما دلّ على أن الدولة لم تخطط مسبقاً لهذا «الفيروس» ولم تستعد لتنمية القطاعات الاقتصادية غير النفطية. النفط نعمة، لكن عدم استثماره الاستثمار الأمثل، سينقلب إلى نقمة، وكلنا سيدفع الثمن.