حتى الآن صدر اكثر من حكم قضائي يقضي بادانة وتغريم وزراء في الحكومة الحالية، وآخرها حكم الاول من امس بانصاف السيد سامي النصف. وحتى الآن لم يحدث شيء.. ومرت الاحكام او تم تجاهلها دون تعليق او توضيح من الوزراء المعنيين. كل هذه الاحكام كانت في قضايا اثارت ردودا سياسية. وكان لها حسب ادعاءات المستفيدين منها او وفقا لما اثير بشكل وطني واسع، كان لها اسباب سياسية ودوافع «عامة»، لها تأثيرها وامتدادها الوطني.
الاحكام في حقيقتها ادانة قضائية نهائية. من اكبر سلطة قضائية في البلد. هذه الادانة، وفي ظل الظروف والاحداث التي رافقتها تعتبر ادانة مخلة بالامانة والشرف. فالوزراء في هذه القضايا تم تحذيرهم. وتم التصدي شعبيا واعلاميا لقراراتهم. ولكنهم ركبوا رؤوسهم وأصروا على مواصلة الظلم او القرار الخطأ. هذه في النهاية جريمة مخلة بالامانة والشرف. فنحن ورغم كل الثقة بالسادة الوزراء المعنيين لا يمكن لنا الا وان نفسر عنادهم على انه استقصاد ونية مبيتة لاستخدام صلاحياتهم وقوتهم السياسية لمعاقبة والحاق الاضرار بمواطنين ابرياء.. اغلب ذنبهم انهم انتصروا للحق، او ادوا ادوارهم بامانة وصدق يفتقدهما اغلب وزراء حكوماتنا مع الاسف.
لو حدث هذا في دول عريقة في انظمتها السياسية والقضائية. لكان له ردة فعل تتناسب وخطورته. فإدانة وزير او مسؤول بسبب سوء استخدام سلطاته امر خطير، بغض النظر عن اسباب ودوافع سوء الاستخدام. ان كان الوزير تقصد الاساءة فهذه جريمة اضطهاد وتمييز. اما اذا كانت حصيلة سوء تقدير عفوي، فهي في النهاية عجز وتقصير على الوزير تحمل نتائجه.
في الدول التي يحترم مسؤولوها فيها انفسهم، في هذه الدول يستقيل المسؤول المدان او المخطئ. ان لم يستقل ببادرة ذاتية، يتم اجباره على الاستقالة. ان تلكأ مسؤوله او تعقد الأمر فان من يشاركونه المسؤولية السياسية يتصدون للامر ويقدمون استقالاتهم درءا للشبهات. اي ان الحكومة او الجهة المسؤولة برمتها تتحمل المسؤولية وتقدم استقالتها.
طبعا الا عندنا.. فلم يحدث شيء.. ولن يحدث شيء. عادي ان يتم انتهاك حقوق مواطن. فهذا يجري من قبل الجميع حكومة وبرلمانا وناخبين في كل يوم. وكل يوم يتم الصمت عن هكذا انتهاكات رسمية وشعبية. حكومتنا مثل وزرائنا عاجزة مثلهم، او من يدري قد تكون متآمرة مثلهم، ففي النهاية «هل تلد الحية الا الحية».