تعد إيران أحد أهم اللاعبين في منطقة الشرق الأوسط، فهي تمتلك مشروعا سياسيا ضخما، يحتوي في مضامينه على تطلعات توسعية، وكذلك على احكام السيطرة على منطقة تعتبر من أهم مناطق العالم إستراتيجيا، بالإضافة إلى أن هذه الدولة تمتلك مهارات احترافية في مجال إدارة سياستها الخارجية، فهي لديها قدرة على المراوغة، وتسكين الامور، وعقد التحالفات وغيرها، واستطاعت أن تكون كيانات مهمة على مستوى مختلف الميادين والأقطار، حيث تلعب تلك الكيانات أدوارا مهمة في تنفيذ المشروع السياسي الإيراني «حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن».. مجرد أمثلة.
كما أن لهذا المشروع الإيراني كلفه اقتصادية باهظة يجب على إيران أن تؤديها إذا ما أرادت استكمال ذلك المشروع التوسعي، وعليها تدبير الموارد لذلك، وكلنا يعلم بأن إيران لا تنتج شيء وليس لديها سوى النفط في الحصول على الإيرادات. كيف ذلك؟! والسلطات الإيرانية دائماً ما تؤكد بإنها تعتمد على 40% فقط من الإيرادات النفطية في توليد دخلها القومي، ولكن في حقيقة الأمر أن هذا الإدعاء مجرد كذبه إيرانية، ولعل انخفاض اسعار النفط الحالية كشف هذه الكذبة وجعل من إيران تصرخ كالنملة. كيف ذلك؟!
عندما نريد قياس تأثير انخفاض اسعار النفط على أي دولة لا تنظر إلى الموازنة العامة أو الناتج المحلي الإجمالي ونصيب إيرادات النفط منها، بل انظر إلى قيمه الصادارات النفطيه ومشتقاتها، فإيران حصلت على حوالي 110 مليار دولار أمريكي في عام 2014 كإجمالي للإيرادات العامة.
وعند تحليل تلك الصادرات نجد بأن 70 مليار دولار كانت عبارة عن صادرات النفط الخام، و8 مليارات دولار عبارة عن منتجات نفطية، و12 مليار عبارة عن مبيعات الغاز؛ أي أن المجموع الكلي يساوي 90 مليار دولار من أصل 110 مليارات دولار بما يعادل 82% من إجمالي الصادرات، وهذا يجعل إيران معتمده بشكل شبه كلي على النفط في توفيراحتياجاتها الداخلية ودعم وتمويل المنظمات الخارجية لتحقيق مشروعها التوسعي كـ «حزب الله والحوثيين».
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن ما تبقى من إجمالي الإيرادات والبالغ نحو 20 مليار دولار فهي تأتي من السياحة الدينية لـ«قم، ومشهد»، والتحويلات المالية من الخارج عن طريق العمالة الخارجية، وهذا ما يؤكد عملياً بأن إيران لا تصدر شيء يذكر سوى النفط.
لذلك فإن انخفاض اسعار النفط لا يؤثر على إيران فقط بل يخنقها ويقتلها، خصوصاً في ظل تحول عمليات التمويل الخارجي لخدمة المشروعها التوسعي، حيث كان التمويل في السابق منصب على حركات سياسية في ظاهرها عسكرية في باطنها، والآن أصبحت إيران تمول دول بأكملها مثل العراق وسوريا، وهذا دون أدنى شك له كلفه مالية واقتصادية أكثر بكثير من دعم بعض المنظمات هنا وهناك.
ولك أن تلاحظ أن قرار أوبك الأخير، والذي يكمن في جعل الأسواق النفط تصحح نفسها، وكذلك مختلف التصريحات التي تفيد بأن الحرب على داعش ستستمر لمدة ثلاثة سنوات، ما هي إلا انعكاسات لسياسات اتخذت منذ زمن ليس ببعيد تهدف لتنظيف المنطقة من مختلف «الحركات الراديكالية»، وتحجيم دور إيران في المنطقة، وذلك حماية بعض الأنظمة الوظيفية في المنطقة.
أعتقد بأن إيران لن تسطيع الاستمرار في إدراة اقتصادها الهادف لخدمة مشروعها التوسعي، وأعتقد كذلك أن أمامها خيارين الآن، إما الحرب أو الخضوع ورفع الرايات البيضاء هي وأخواتها التابعة لها سواء دول أو حركات ومنظمات عدائيه، لننتظر ونرى الأسد الإيراني من أي شيء مصنوع.