في معرض تعليقه على استقالة بعض النواب من مجلس الأمة صرح أحمد السعدون بما يلي: "أنا قد أقدر بعض الاستقالات ممن كان لهم موقف من الإصلاح من الداخل، ولكن هذا الكلام لا ينسحب على استقالة الراشد وصفاء"، وقد سبقه مسلم البراك بتصريح أكثر حزماً عبر لقاء تلفزيوني قال فيه: "إطار معارضة إنت فيه يا علي الراشد لن يسعدنا أن نكون متواجدين فيه".
قد تكون هاتان العبارتان هما أكثر ما أتفق فيه مع الفاضلين أحمد السعدون ومسلم البراك في الآونة الأخيرة، فعدم ترحيبهما باستقالة علي الراشد وصفاء الهاشم بل عدم سعادة مسلم أن يكون في إطار معارضة يكون فيها علي الراشد، هو ما ينسحب بالنسبة إلى مسلم على صفاء الهاشم أيضاً على ما أعتقد.
سبب اتفاقي مع الفاضلين السعدون والبراك هو أنه ليس من المقبول أن يضم الإطار المعارض للنهج القائم من كان يقتات على هذا النهج، بل يحارب كل من يهاجمه، فالمعارضة الحقيقية للأوضاع السيئة القائمة لكي تنجح في الإصلاح يجب عليها أولاً أن تكون قائمة أساساً على استبعاد السيئين والمتمصلحين، ومن لا يؤمن بالدستور أصلاً من المراكز القيادية فيها.
نعم قد يكون مقبولاً بل لن يخلو أي حراك من الفاسدين تلك هي طبيعة الأشياء، ولكن أن يتصدر المفسدون ذلك الحراك فهو بمنزلة انتهاء أو انحراف له بلا أدنى شك.
لقد نادينا بهذا الأمر مراراً وطالبنا بعدم الترحيب بكل من "هبّ ودبّ" من أجل زيادة العدد، إلا أننا لم نلق أي أذن تسمع حينها، بل حوربنا واتهمنا بالسعي إلى ما يسمى بتفتيت الحراك، فكانت النتيجة زوال الحراك وبقاء من "هبّ ودبّ" في صدارة ما تبقى منه.
لقد رحبت المعارضة الحالية، إن جازت التسمية، بمن شتم الكويتيين، وشكك حتى في أنسابهم (بيان جمعية الإصلاح حول التعليم المشترك)، ورحبوا كذلك بمن جنّد قلمه وجهده للدفاع عن سراق المال العام، ورحبوا بالطائفيين وخريجي الفرعيات وغيرهم من المطالبين بأن تحول الكويت إلى النموذج الطالباني، وشككوا بكل من يعترض على هذا الترحيب، فكانت النتيجة الحتمية هي الفشل والإصرار على الاستمرار بنفس الأسلوب رغم ذلك.
أنا هنا لا أقول أبداً إنه يجب أن نتخذ موقفاً مخالفاً إن وجدنا السيئين يتخذون نفس الموقف، بل كل ما أقوله هو عدم العمل تحت مظلة واحدة معهم، فهناك مواقف ستتشابه بكل تأكيد كرغبة علي الراشد ومسلم البراك بزوال المجلس الحالي، ولكن هذا لا يعني القبول بعلي الراشد ضمن إطار واحد مع مسلم البراك، كما تفضل بذلك البراك نفسه.
قبل أي أوراق أو وثائق للإصلاح لابد أولاً من تصفية الأشخاص وإبعاد من لا يستحق كي يكون لأي ورقة معنى حقيقي ومفيد، تلك هي الحقيقة التي يتجنبها الكثيرون، وقد جاء أحمد السعدون ومعه مسلم البراك ليقولاها صراحة، فشكراً لهما، وكم أتمنى أن يستمر نهجهما الرافض للسيئين أو الأسوأ منهم داخل الحراك.