السياسيون اليوم في الكويت أنواع وأصناف متعددة، ورغم كثرة العدد لكن الأفكار للأسف قليلة، فلنأخذ الأغلبية المبطلة وغطاؤها الشعبي “نهج” مثلا، فقد تشبثت بمطلب واحد متفرع، وهو سحب الطعن الحكومي، وحل مجلس 2009 والدعوة إلى انتخابات بنظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات دون تغيير، وكما هو واضح فهذا لن يتحقق، وها هي اليوم تورط نفسها بمقاطعة الانتخابات لأنها لم تمتلك الرؤية، فإن أقدمت على المقاطعة فستعقّد الانتخابات من دونهم، ويخوض الشعب التجربة دون تيارات كالإخوان وبعض السلف والشعبي والعدالة وغيرهم من مستقلين، وإن تراجعت عن المقاطعة خسرت ثباتها على الكلمة وفقدت مصداقيتها.
وهي نفس الحال بالمناسبة مع الجبهة الوطنية التي تبنت نفس مطالب الأغلبية المبطلة و”نهج”، ولا أفهم أبداً لماذا لا تنضوي الجبهة تحت “نهج” ما دامت المطالبات نفسها، إلا إن كان الغرض تسويقياً بعد فشل تجمعات “نهج” الأخيرة.
أما معارضو الأغلبية المبطلة فمعظمهم لا يملكون رؤية، بل كل ما يملكونه هو الرد على تصاريح الأغلبية، وما تحمله من فتن أو تخبط أو غيرها، بمعنى آخر، إنه لو صمتت الأغلبية فلن يملك هؤلاء سوى الصمت، فهم لم يقدموا حلولاً أبداً كما أرى.
أما المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني فقد بادروا مجتمعين بتقديم وثيقة تحمل رؤية أراها منطقية، وتعاملت مع الساحة السياسية بواقعية شديدة، إلا أنني ما زلت مصراً أنه بدون إعلام مرئي حقيقي لهذا التيار فإنه لن يتمكن من إيصال أفكاره بشكل مناسب وسط هذا الزخم الإعلامي من كل القوى السياسية.
فقد طرح المنبر مع التحالف وثيقة تتعاطى مع الحدث وبشكل مرحلي مميز، فكانت أولى نقاطهم التركيز على حق الحكومة بإحالة القوانين إلى “الدستورية” واحترام القضاء وأحكامه، وإن اختلفت مع بعض الأهواء، يلي ذلك أن تقوم الحكومة بتعديل الدوائر بمعية القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني دون تفرد، ووفق ما يحويه منطوق الحكم إن حكم بعدم دستورية النظام الحالي، على أن تكون تلك مرحلة انتقالية لانتخابات واحدة، ولمجلس الأمة المقبل أن يقرر مصير الدوائر الأنسب.
كما خرج “المنبر” و”التحالف” من إطار ودوامة الدوائر التي يصر البعض على أن يحوم حولها، ليقدم برنامج إصلاح سياسي متكامل مترابط يتمم بعضه بعضا من خلال تشريعات مهمة كاستقلالية القضاء، وحق اللجوء الفردي إلى المحكمة الدستورية، ومفوضية عليا للإشراف على الانتخابات، وحزمة قوانين مكافحة الفساد وغيرها، دون أن تغفل وثيقة “المنبر” و”التحالف” الهموم اليومية والأساسية للمواطنين بعيداً عن السياسة، فتطرقت لملفات كمدنية الدولة والاقتصاد والإسكان والصحة والتعليم والتوظيف.
لقد قدم “المنبر” و”التحالف” مجتمعين نموذجا إيجابيا عن التيارات السياسية التي تحمل رؤية تغطي كثيراً من مناحي الحياة السياسية والاجتماعية في الكويت، وأعتقد أن مختلف التيارات يجب أن تسلك هذا المسلك الموضوعي حتى إن اختلفنا بالتفاصيل دون التشبث بقضية تنتهي فصولها بصدور حكم “الدستورية”، فشكراً لـ”المنبر” و”التحالف” على هذه الوثيقة وبناء عليها أؤيدكم.
خارج نطاق التغطية:
نقلت في مقالي السابق من إحدى الخدمات الإخبارية أن النائب مسلم البراك قال: “جربونا كأغلبية لمدة 4 سنوات”، فنبهني أحد الأصدقاء بأن هذا النقل غير دقيق مستشهداً بخبر لصحيفة مملوكة لأصحاب الخدمة الإخبارية نفسها ذكرت فيه بأن البراك قال مخاطباً السلطة “جربونا كشعب لمدة 4 سنوات”، ولأنني لم أتمكن من العثور على تسجيل الندوة لأتحقق من ذلك، فإني سأميل إلى نص خبر الصحيفة على حساب خبر الرسالة النصية، وأعتذر عن النقل الذي أعتقد أنه خاطئ.