ضمت كتلة التنمية والإصلاح في المجلس السابق نوابا مستمرين في المجلس الحالي، كالنائب جمعان الحربش والنائب محمد هايف الذي تفاوتت الأقاويل في المجلس الماضي في كونه عضوا في الكتلة، أو هو المكمل لها بطريقة (+1)، وفي كلتا الحالتين فإن التقارب الفكري بين النائبين هايف وجمعان كبير جدا، وقريب من التطابق.
وطوال فترة انتخابات مجلس الأمة 2012 كان هايف وجمعان يقدمان نفس الأطروحات والرؤى تقريبا، بل إن هناك كتلة نيابية تسمى بالأغلبية تجمعهم حاليا، ويرتبان أولوياتهما من خلالها سواء في مزرعة أو جاخور أو ديوانية.
إذن نحن أمام مثالين لنواب من تيارات الإسلام السياسي قريبين جدا من بعضهم بعضا، بل إنهم تبنوا في بداية عمر المجلس قضية تعديل المادة الثانية من الدستور التي تحولت بقدرة قادر إلى تعديل المادة 79 من الدستور لأسلمة الدستور، وهي مطالبات بعيدة كل البعد عما أوهموا به الشباب في فترة الانتخابات طبعا. خلافنا الأزلي مع قوى الإسلام السياسي هو الدفاع عن مدنية الدولة، وأن الدولة لا يحكمها دين، بل قوانين مسيرة لشؤونها في مختلف الاتجاهات تجمع كل الأعراق والمعتقدات والطوائف والديانات تحت مظلة واحدة تطبق على الجميع بالتساوي، إلا أنهم يصرون على أن الشريعة هي ما يجب أن يسود وإن اختلفت معتقدات أبناء الوطن فلا يهم، فإن الاتفاق والمودة والحب والطمأنينة ستسود.
ها نحن اليوم نعيش مثالا واضحا على صدق ما ذهبنا إليه لمدنية الدولة وزيف ادعائهم بأن ما يقولون عن الشريعة هو الحل، وها هما- وأعني جمعان وهايف- الصاحبان المتفقان المنسجمان ابنا الكتلة الواحدة، وصاحبا الأولويات الواحدة يختلفان في حالة بسيطة، وهي “ملتقى النهضة”، فهايف يقول إن الملتقى بعيد عن الشرع وجمعان يرد لا تختزل الشرع في رأيك!! الشرع الذي يحملان هما رايته انقسما فيه انقساما حادا حول مجرد ندوة، هذا وهما ابنا طائفة واحدة، ولكم أن تتصوروا الحال ونحن أمام أكثر من طائفتين إسلاميتين في الكويت، ومعتقدات مختلفة خارج حدود الإسلام وغيرها من أفكار، فبأي شرع يريدون أن يحكموا الكويت وهم لا يستطيعون أن يقيموا شرعية ندوة من عدمها؟
ادعاءاتهم مزيفة وأقاويلهم باطلة، ولن تستقيم الكويت إلا بالمدنية والحرية والتعددية، أما العلاقة بين الخالق والمخلوق فهي أمر فردي لا علاقة للدولة به إلا أن ترعى ممارسة شعائره، كما نص الدستور الكويتي الرائع.
خارج نطاق التغطية:
وزير الداخلية لا بد من الرحيل عزيزي، فمنعك لملتقى النهضة يجعلنا أمام أمرين: إما أنك لا تؤمن بالدستور وإما أنك تخشى المساءلة، والحالتان أو إحداهما تستلزم وجودك خارج الحكومة.