اجتهدنا وعملنا وخسرنا الانتخابات فتقلص عدد ممثلينا في المجلس إلى ما هو أقل من القليل، واستوطنت لحى السياسة و”الفرعيون” والطائفيون من المذهبين في المجلس. تلك هي الديمقراطية، وهذا هو اختيار الناس باستثناء “الفرعيين” طبعاً، فهم ليسوا اختيار الشعب بل هم مزورون لإرادة الأمة.
ولأنها الديمقراطية فإني أقبل بها، ولو أن مخرجاتها تخالفني ولا تمثلني، ولكني قطعاً لن أقتحم أو أحرق أو أكسر أو أشتم في سبيل تغييرها، بل سأمارس دوري طوال سنوات المجلس أو أيامه في كشف تعدياتهم على الدستور إن تعدوا، ومعالجة أسباب خسارة تياري الوطني المدني المخلص ذي المبدأ.
ويبقى السؤال الملح على عقلي منذ بدء الانتخابات إلى اليوم هل أخطأ التيار المدني في سلوكه ومنحاه في الفترة الماضية كي تحجب عنه ثقة الكثيرين؟ والإجابة نعم أخطأ، ولكن قبل الشروع في مناقشة خطئهم لابد أن أشير إلى عقلية أغلبية من شارك في التصويت من أهل الكويت اليوم والنتائج قطعاً تعكس العقليات.
العقلية التي سادت هي المذهب أو القبيلة أولاً، وثانياً المعارضة بعقل أو دون عقل لا يهم فالمهم المعارضة، أو الموالاة بعقل أو دون عقل أيضاً لا يهم… فالمهم الموالاة، ولنا في المخرجات أمثلة؛ مدانٌ أكثر من مرة بالنصب والاحتيال لكنه فاز لتطرفه، وآخر متهم بتضخم الحسابات لكنه أيضاً فاز وهو الوحيد من المتهمين الذي فاز بالانتخابات بالمناسبة، وتيار وقف ضد الكويت في الغزو، رحم الله سعود الناصر الذي كشف ألاعيبهم، لكن الكويتيين اختاروهم، وآخر لم يقف للعلم فحظي بعدد هائل من الأصوات، وموالون للحكومة السابقة بخيرها وشرها انتخبهم الناس، ومعارضون للحكومة السابقة بخيرها وشرها وفازوا كذلك.
هكذا كان الاختيار الشيعي لا يعطي السنّي والعكس صحيح، والقبلي لا يعطي الحضري والعكس صحيح، تلك كانت أصوات أغلبية الناخبين ممن شاركوا في التصويت ولا يمكنهم إنكار ذلك فالأرقام تتحدث.
أما تيار المبدأ الذي وقف مع الحق أينما كان فرفض وذكّر، كما رفض ياسر الحبيب، وطالب بدخول الفالي كما طالب بدخول العريفي، وأدان “الاقتحام” كما أدان “الإيداعات”، وتصدى لمن يشتم القبائل كما تصدى لمن يشتم أي مكون آخر من مكونات المجتمع، هو الوحيد الذي خسر الانتخابات.
ولكنه أخطأ في خجله أحياناً في إعلان مواقفه بصراحة وبسرعة، وهو ما يحتاج إلى عمل الكثير لإعادة الدور السابق الذي لا يخجل من الحق، فالشيعي بات يعتقد أنه لا أحد معه سوى أبناء طائفته، والسني كذلك، والقبلي كذلك، وهو أمر غير صحيح إطلاقاً، فالتيار المدني التزم بمبدأه ولكن صوته كان خافتاً بالمقارنة مع البقية.
إننا اليوم مطالبون كتيار بأن نكون صرحاء في مواقفنا وبأعلى صوت دون التخوف من أن نخسر أحداً، فقد خسرنا الانتخابات وكسب كثير من المتطرفين، ولا يوجد شيء نخسره أكثر، لا للحسابات السياسية ولا للمواءمة وغيرها من الأمور بل الصراحة والجرأة ولا شيء سواهما.