علي محمود خاجه

اردى من مؤتمر الداخلية

ارجعوا بالذاكرة قليلا إلى المؤتمر الصحفي الأشهر، الذي عقدته وزارة الداخلية على خلفية أحداث ديوان الحربش في ديسمبر الماضي، حينما ظهرت القيادات العليا في «الداخلية» وبررت ضرب الناس والاعتداء عليهم بتبريرات أقل ما يقال عنها إنها مضحكة، وأبرزها على الإطلاق أن الرصيف هو من اعتدى على الناس وتسبب في إيذائهم. كل عاقل غير متمصلح ضحك في ذلك الحين على هذا التبرير الواهي غير المقنع والمزيف لما حدث في الديوان، وعلى الرغم من ذلك التبرير الساذج فإن «الداخلية» آنذاك لم تتجرأ على أن تدلي بمبرر آخر لما حدث؛ كأن تقول مثلا إن حضور الندوة تلفظوا على رجال «الداخلية» بألفاظ غير لائقة أو مستفزة. وعلى الرغم من أن ذلك التبرير كان من الصعب إنكاره، فإن الحضور في ديوان الحربش كانوا بالمئات ومن الصعب جدا إن لم يكن مستحيلا إثبات أن الحضور شتموا رجال «الداخلية» من عدمه. لكن مؤتمر «الداخلية» لم يلجأ إلى هذا العذر لأنهم حسبما أعتقد لم يروا أن هذا العذر شفيع لهم ليبرروا الضرب تجاه النواب والمواطنين، بل اعتقدوا أن عذر رد الشتم بالضرب فجّ وكريه وغير منطقي؛ لدرجة أنهم لجؤوا إلى الرصيف كحجة بدلا من رد السبب إلى الضرب. أما «الأفاضل» الأكارم الأماجد نوّاب الأمة، وبالمناسبة معظمهم هم من ضُربوا في ديوان الحربش رأوا غير ذلك، وقرروا أن يتعدّوا بالضرب على من يشتمهم، وأين في قاعة مجلس الأمة!! وأنا هنا لا أدافع عن العضو سيد حسين القلاف، فالقلاف القديم بالنسبة إلي قد ووريت أفكاره الثرى، وحلّ بديلا عنه شخص لا يشبهه سوى بالشكل مع اختفاء للمنطق السليم منذ زمن بعيد. ولكن أدافع عن حقي في قاعة عبدالله السالم التي ما فتئ النوّاب يعيدون ويكررون أنها بيت للأمة والشعب، وها هم يهينون بيتي أمام العالم أجمع، بل يتمادون في غيّهم بتصريح من العضو وليد الطبطبائي، بقوله: إن مشاركته في الضرب «شرف لا يدّعيه»!! والمصيبة الأكبر أن من استخدم اليد و»العقال» هم أنفسهم كرروا بعد الحادثة أن ما قام به القلاف في تلك الجلسة المشؤومة عمل مدبر ومخطط له لتخريب الجلسة، وأنا أتفق معهم في ذلك، ولكن ما لا أفهمه هو لماذا ساهمتم في عمله المدبر وأنجحتموه؟ فإما أن تكونوا مشاركين بمخطط القلاف، وإما أن تكونوا من السذاجة بمكان بأن تقوموا بفعل أرعن كالذي قمتم به. لقد أثبت النوّاب المضروبون في الأمس القريب في ديوان الحربش أنهم لا يؤمنون لا بدستور ولا بقوانين ولا بلوائح سوى لغة الذراع إن كانت صادرة منهم وليست عليهم، ويؤمنون بالدستور فقط حينما يوافق أهواءهم ومطالبهم. وهذا التناقض الذي يعيشونه بل يعيشه أكثر من نصف أعضاء مجلس الأمة الحاليين هو ما يجعل الحكومة تنتهك الدستور وتتعدى عليه بمختلف الأشكال والسُبل دون خوف أو وجل، فحماة الدستور متناقضون ومنتهكون له، فعلامَ نستغرب رقصهم على القوانين ما دمنا بالدفّ ضاربين؟!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *