علي محمود خاجه

Stays in Tunis

مشكلتنا، بل أزمتنا واضحة، وهي أزمة تطبيق أمور بعيدة عن الدستور واستحداثها فحسب، فكم من قانون انتهك وينتهك يوميا بإشراف الحكومة وبتنفيذ ممثلي الأمة هو العلّة، وكم من مفردة ومصطلح يسعى البعض الحكومي والنيابي إلى ترسيخها هم المعضلة. ثورة عادلة بلا شك تلك التي حدثت في تونس، وتسببت في إقصاء حاكم جمهوري دائم كحال كل الجمهوريات العربية، بدأت بمصادرة عربة خضار كان يسترزق عليها الشاب الجامعي العاطل عن العمل بسبب سوء النظام محمد البوعزيزي، ولم تجدِ أي محاولة لتظلّمه فقام بإحراق نفسه احتجاجا على الظلم مختتما حياته بكلمات أخيرة وجهها لأمة يقول فيها إنه مسافر من دون رجعة. يحدوني الأمل بأن ثورة البوعزيزي ستولّد نظاما عادلا منصفا لتونس يعيش فيه الشعب التونسي بعدالة وحرية وأمان واستقرار، ولا تنتقل السلطة من حاكم ظالم إلى حاكم آخر يتحول إلى حاكم جمهوري على الطريقة العربية مجددا. لكن، هل يمكن أن نُسقط ما حدث في تونس على الكويت؟ هل يجوز أن يدلي بعض النوّاب بتصريحات تلمّح بالاتعاظ من ثورة تونس؟ هل يعقل أن نمنّي النفس بانتقال حالة تونس للكويت؟ ما حدث في تونس حالة فريدة وبعيدة عن نظام دستوري كويتي واضح الملامح والتقاسيم، فأزمتنا ليست كتونس، فالعمل مكفول والعدالة الاجتماعية منصوص عليها دستوريا، والحرية قوام الدولة، كلها نصوص وركائز قامت عليها الكويت قبل الدستور وبعده، وليس من المنطقي أو المقبول أبدا أي غمز أو حتى تلميح أو تشبيه للحالة الكويتية بالتونسية. مشكلتنا، بل أزمتنا واضحة، وهي أزمة تطبيق أمور بعيدة عن الدستور واستحداثها فحسب، فكم من قانون انتهك وينتهك يوميا بإشراف الحكومة وبتنفيذ ممثلي الأمة هو العلّة، وكم من مفردة ومصطلح يسعى البعض الحكومي والنيابي إلى ترسيخها هم المعضلة. فالقانون مستباح من الدولة، والمسطرة مطاطية قابلة للطي عند رؤية «البشت» أو الدينار أو الحنجرة، والخنوع يسعى البعض إلى ترسيخه بدين وفتوى، تلك المشكلة وأي تأويل لها يكون ظلما للكويت وأهلها. إن الدستور رسخ نظام الحكم في الكويت وآلياته وطرقه وسبله، ونظّم العلاقة وطرق التغيير والرقابة والتشريع والتنفيذ، وأي خروج عن النص يعد تعدّياً على الدستور ولن نقبله أبدا، فالدستور هو ما ارتضيناه وليس من المنطقي أبدا أن نقبل بكلام بعيد عنه، خصوصا ممن رفعوا شعار «إلا الدستور» قبل أيام أو من غيرهم، فتعالوا لنبارك ما حدث في تونس دون تلميح بتصدير لثورة أو تغيير خارج نظامنا الدستوري الذي ندافع عنه.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *