في 2006 حينما كنت أكتب في «الطليعة»، أرسلت مقالا بعنوان «لا للـ29»، كنت أقول فيه بأنه ليس من المنطقي أبدا أن نقف ونؤيد ونؤازر 29 نائبا معظمهم لا يرغبون بالدستور بشكله الحالي، ولكنهم تبنوا تقليص عدد الدوائر الانتخابية، كما طالبنا نحن حينذاك، فوقوفنا مع هؤلاء سيعني أننا سنتحمل 4 سنوات من غيّهم وتعديهم على الدستور من أجل تصويت واحد سيقفون فيه صفا واحد من أجل إصلاح النظام الانتخابي جزئيا. كنت في تلك الفترة في بدايات كتابتي، وقد تلقيت حينها اتصالا من أحد القائمين على «الطليعة» في ذلك الوقت، ينصحني فيها بعدم نشر المقال لعدم مواءمته للظروف التي تعيشها الكويت، ولا نريد أن ندق الإسفين فيما بيننا، فقضيتنا أهم من خلافاتنا، للأسف فقد قبلت تلك النصيحة وأقر بخطئي حينها، وما كنت أخشاه في ذلك اليوم تحقق، فقد أقروا الدوائر الخمس في أول أيام المجلس، وعانينا بعدها الأمرّين من طعن معظمهم في دستور الكويت وثوابته وحرياته. اليوم تتكرر الأسطوانة ذاتها بحدّة، وقد تكون إلى اليوم أقلّ وقد تتزايد مع الأيام، ولكنها نفس الأسطوانة، فبعد التصرف الحكومي السمج بالغياب المتعمد عن الجلسات لفقد النصاب، التأم أكثر من عشرين نائبا تحت شعار «إلا الدستور» مهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تم الاعتداء على الدستور!! على الرغم من أن قبر الحريات التي وأدوها بأنفسهم لم يجف بعد، وعلى الرغم من أن ثلة منهم هم مجرمو انتخابات مارسوا كل أنواع الغش في سبيل الوصول إلى المجلس، وآخرون يهددون الوزراء في حال تطبيقهم للقانون، هؤلاء ونفر قليل آخرون ممن رحم ربي هم التجمع الذي يحمل شعار «إلا الدستور»! فعن أي دستور تدافعون؟ لقد أثبتت كل تجارب الديمقراطية الكويتية أن الدستور هو ملجأ الجميع، ولكن معظمنا لا يتذكره إلا حينما يمسه سوء ما، فالتيار الديني لا يتذكره إلا حينما يريد التصويت على وأد أفكارنا… وحريتنا… وأفراحنا، واللصوص لا يتذكرونه إلا حينما يدانون شعبيا قبل القضاء، و»الجويهليون» لا يتذكرونه إلا حينما يساء إلى مصالحهم، و»اللاجويهليون» لا يعرفونه إلا حينما يتطرق لهم «الجويهليون». اليوم تجربة جديدة، ومجددا الحامي هو الدستور وهو الملاذ الذي لا غنى عنه، ولكننا لن نسمح أبدا بأن يكون الدستور مطية لكل مغتصب له، لذا فإن واجبنا تجاه هذا الدستور هو الوقوف أولا في وجه من يتعدى عليه من نوّاب ارتدوا ثياب الدستور اليوم وحكومة لا تعرف التزاماتها بعد، وبعد ذلك من الممكن أن نرفع شعار «إلا الدستور»، عدا ذلك فإننا مساهمون في انتهاك الدستور والانتقاص منه. خارج نطاق التغطية: السيد حسين القلاف صرّح بأنه سيحلق نصف شاربه إن فازت الدكتورة أسيل في الانتخابات المقبلة، وأنا أرجو من السيد الفاضل أن يشرفني بتحمل نفقات «موس ورغوة الحلاقة» حينها، وإن غداً لناظره قريب.