تقوم أسواق المال على أساس اكتشاف أسعار الأسهم عن طريق سوق مركزي يتم فيه البيع والشراء بمرونة وسرعة للوصول الى سعر توازن دقيق. ومهم جداً أن يتعامل المستثمرون بحرية، وتكون لديهم جميع المعلومات والأدوات لاتخاذ قرارات سريعة وبحرية كاملة. ويحدث اختلاف في الآراء بين البائع والشاري، لذلك تتم عملية التداول وفق رغبات المستثمرين. وتتغير الأسعار بسبب تغير ظروف المستثمرين والظروف الاقتصادية في داخل الدولة او خارجها. لذلك من الضروري ترك المتداولين يتعاملون بحرية وبسرعة وتسهيل عملية التداول. وأي تدخل في عمل المستثمرين سيقود الى اختلال في آلية العرض والطلب، ويغير سعر التوازن، ويخلق أسعاراً وهمية وغير واقعية.
وخلال فترات انهيار الأسواق المالية تحدث ضغوط سياسية لدفع الحكومة باتجاه صرف أموال وشراء الأسهم لمنعها من الانخفاض بشكل اكبر. وتستجيب الحكومة للضغط الشعبي، وتسعى لوقف النزيف في محافظ صغار المستثمرين. لذلك يكون التجاوب الحكومي بضخ الأموال وشراء الأسهم بأي سعر لمنع نزول اسعار الأسهم إلى السعر الحقيقي. وقد صرح وزير المالية أنس الصالح في 14 ديسمبر الماضي بأن المحفظة الوطنية تقوم بشراء 40 سهماً في البورصة بناء على أسس اقتصادية. ومن المرجح ان تكون هذه الأسهم هي لأكبر 40 شركة في السوق. لذلك ستكون اسعار الأسهم لأكبر 40 شركة مستقرة عند مستوى توازن سعري اعلى من الوضع الطبيعي، والسبب يعود لرغبة الحكومة. ولا يوجد شك في أن المحفظة الوطنية تكون الشاري الأخير للاسهم المحلية، مما يجعلها الرابح الأكبر في السوق الكويتي. لكن ليس هدف الاسواق ان تزيد من ربح الحكومة على حساب القطاع الخاص، ولا يجب ان يكون هدف الحكومة هو الربح.
لذلك يصبح لدينا في بورصة الكويت سوقان. السوق الوهمي، وهو يشمل اسعار اسهم اكبر 40 شركة، والتي تتداول عند اسعار اعلى من اسعارها الحقيقية بسبب رغبة الحكومة. وتتداول هذه الأسهم عند مضاعف ربحية اعلى من اسهم الشركات المشابهة في الخليج، لان التدخل الحكومي بالسوق المحلي فقط. وسيتجه المستثمرون الى الأسهم غير الكويتية لانها أرخص نسبياً. وتتعافى الاسواق الخليجية ويستفيد المستثمرون الذين اشتروا الأسهم بأسعار منخفضة وقت الانهيار. لكن لا توجد الفرصة نفسها لكبار المستثمرين الكويتيين. وللأسف يستمر صغار المستثمرين المحليين في شراء أسهم الشركات الكبيرة لتوقعهم ارتفاعها، لكن ذلك لا يحدث، لان السعر غير واقعي ويعتبر مرتفعاً بشكل مصطنع.
ومن خلال تداول الأسهم الكبيرة عند اسعار وهمية، يضطر المستثمرون الى الاستثمار في الشركات الخليجية الأرخص. وتقل الأموال التي كان من الممكن ان تتجه إلى السوق المحلي بسبب عدم توافر فرص استثمارية بالشركات الكبيرة. ويقل حجم السيولة في السوق المحلي، مما يؤدي الى ضعف مزمن في السيولة على المدى الطويل محلياً. لذلك تحدث ثلاث ظواهر تدل على خلل في السوق وهي:
1 – مضاعف ربحية عال نسبياً للسوق المحلي.
2 – ضعف سيولة مزمن.
3 – تذبذب محدود وفرص استثمارية محدودة.
في المقابل، يكون لدينا سوق واقعي، وهو سوق الأسهم التي لا تشمل اكبر 40 شركة. ويعتبر هذا السوق واقعياً بشكل افضل، لانه لم يحصل على الدعم من الحكومة. لذلك تنخفض هذه الأسهم إلى مستويات متدنية جداً وحقيقية وتخلق فرصة للمستثمر الذكي. لذلك نوصي صغار المستثمرين ومديري الصناديق بتجنب الاستثمار في اكبر 40 شركة لتجنب الشراء عند مستويات غير حقيقية. ويجب القيام بالبحث العلمي لتقييم الأسهم المحلية عند الرغبة في الشراء. ولا يعني ذلك بالضرورة الاستثمار في الشركات التي لا يوجد لها أنشطة تشغيلية واضحة.
آخر مقالات الكاتب:
- مجموعة الشايع نموذج نجاح كويتي.. عالمي
- إدارة الأموال العامة وضبط المصروفات
- ملاحظات على إدارة الدين العام
- تطبيق دعم العمالة على جميع الشركات المحلية
- كيف ندمر ٣٠ ألف فرصة عمل؟!
- اقتراحات إضافية لمشروع قانون الإعسار والإفلاس
- كيف نخلق 25 ألف فرصة عمل سنوياً؟
- «من شراك باعك»
- هذه هي تحديات الكويت الاقتصادية
- وقع المحظور الذي حذَّرنا منه