كثير من شعوب العالم لديهم حكومات منتخبة تسعى جاهدة لتحقيق الرخاء لمواطنيها حتى ولو كانت تعاني من قلة الموارد الاقتصادية في بلدانهم، ونحن هنا في الكويت لدينا حكومة غير منتخبة لا تحقق طموحنا كمواطنين، رغم أننا نسبح في بحيرة نفطية ونمتلك فائضا ماليا لم نحلم به قط. فهل الحكومة المنتخبة هي فقط التي تستطيع تحقيق المعادلة الصعبة أو السهلة؟ وأقصد تحقيق التنمية مع توافر الموارد؟ بالتأكيد لا – لأن هناك أكثر من دولة على الخارطة الآن – هذه الدول قطعا لا تتصف بالديموقراطية ولا تتمتع بحكومات منتخبة، ولكنها تمتلك نموذج الحكومة الذكية التي تستطيع أن تحقق التنمية بالرغم من وجود الفساد المالي والسياسي وذلك فقط بتوافر عدة عوامل، منها: أولا الإرادة الحكومية وثانيا السيولة المالية الكبيرة، فالمال يحقق المعجزات ويغطي العيوب.
يروي أحد المقربين من إحدى حكومات العالم ذات نموذج «الحكومة الذكية» ممن يشار لدولته بالبنان من ناحية التنمية بالرغم من عدم وجود الديموقراطية أو الحكومة المنتخبة – أن رئيس الحكومة يؤمن بالإنجاز والعمل، ويحرص على ان كل مناقصات الدولة لا تأخذها إلا الشركات العالمية ولكن عن طريق شريك محلي محسوبة عليه – فالمشروع التنموي أبو مليار دولار تأخذه الشركة المحلية بمليار وربع المليار – مليار للشريك الدولي وربع للشريك المحلي.
ولكن الشركة المحلية المحسوبة على الحكومة تراقب بكل أمانة ونزاهة وصرامة تنفيذ المشروع التي تقوم به الشركة العالمية، فلا محاباة ولا تهاون في إنجاز المشاريع بكل دقة.
من المؤكد أن فلسفة الحكومة الذكية وان كانت قائمة على الفساد إلا أنها تحقق التنمية مع كل تلك الفوائض المالية المتوافرة لها.
ختاما، أنا لا أدعو الى تشجيع على الفساد المالي والسياسي، ولا إلى عدم الأخذ بمبدأ الحكومة المنتخبة، ولكن حتما أدعو الحكومة الكويتية إلى أن تكون «حكومة ذكية» بالرغم من تهم الفساد الموجهة لها من المعارضة – فليس من المعقول ان تتعطل التنمية في الكويت أو أن تنفذ مشاريع الدولة الكبرى بتلك الأسعار الخيالية وبالمواصفات السيئة جدا، بل أحيانا تكون المشاريع غير صالحة للاستعمال الآدمي.