انقسم الشارع السياسي بين مؤيد ومعارض في مسألة تحويل الحكومة لقانون الانتخاب الي المحكمة الدستورية ـ سواء كان غرض الحكومة تحصين القانون من الطعون الانتخابية او من اجل تعديله اذا ثبت انه غير دستوري.
ومن المؤكد أن الأغلبية البرلمانية لمجلس 2012 تعارض ما قامت به الحكومة، وترى انه من المعيب عليها ان تزج بالقضاء مرة أخرى في الخلافات السياسية، كما ان الأغلبية تخشى ان يكون تحويل قانون الانتخاب الى المحكمة الدستورية مدخلا لتعديل الدوائر الانتخابية، وإعادة تفصيلها لتضمن الحكومة السيطرة على الانتخاب والتحكم بمخرجاتها للوصول الى مجلس امة مطواع لها.. مبررات الأغلبية منطقية ومخاوفها مشروعة ومطالبها اصلاحية، بالرغم من محاولة خصوم الأغلبية تصويرها بانها تبحث عن مصلحتها الشخصية ومكاسبها السياسية عن طريق الابقاء على الدوائر الخمس، وهذا ليس في محله، فقانون الانتخاب جاء برغبة شعبية و«حركة نبيها خمس» اكبر دليل علي ذلك، كما ان الأغلبية لا ترفض تعديل الدوائر الانتخابية ولكنها تريدها بقانون وليس بمرسوم ضرورة، والى الدائرة الواحدة ونظام القوائم كما هو معمول به بالدول المتقدمة ديموقراطيا، وبلا شك ترفض تقليص عدد الأصوات او تصغير الدوائر الانتخابية لأنها ستسهل سيطرة الحكومة على مخرجات الانتخاب ومن ثم على مجلس الأمة، وستعود ظاهرة «نواب الخدمات» وعلاقتهم المشبوهة بالحكومة، كما ان الدوائر الانتخابية الصغيرة والصوت الانتخابي الواحد سيكرسان الطائفية والقبلية وسيرجعانا الى الوراء.
اما موضوع إعطاء مجلس الأمة حق اعطاء الثقة للحكومة فور تشكيلها، فبرأيي المتواضع هو المخرج لمأزق عدم التعاون المستمر منذ سنوات بين البرلمان والحكومة.
الكل يسعى الى الاصلاح السياسي ولديه رؤية لذلك، وأتمنى ألا يصادر رأي الأغلبية فهي بالنهاية الممثل الشرعي لإرادة الشعب، والاصلاحات السياسية وكما يؤكد الخبراء وعلماء السياسة عند حديثهم عن عملية التحديث والتطور السياسي انها تستدعي دائما إعطاء السلطة التشريعية المزيد من الصلاحيات مقابل السلطات الأخرى، والعكس غير صحيح وغير ديموقراطي ايضا.
وختاما اذا كانت مصلحة الأغلبية الشخصية تتقاطع مع مصلحة الشعب في المحافظة على المكتسبات الدستورية والحصول على المزيد من الديموقراطية والحرية، فإننا سندعمهم حتى آخر المشوار..!