عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرته الخليجية للانتقال من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد، بلا شك انها عبرت عن طموحات الشعوب الخليجية وتطلعاتها، كما أن مبادرة الاتحاد ضرورة تفرضها وحدة المكون الاجتماعي والاقتصادي المشترك، وكذلك التحدي الامني والاستراتيجي الموحد، فنحن في إقليم جغرافي ملتهب ومحاطون بدول إقليمية كبرى نسبيا تهدد استقرار المنطقة ككل.
من الممكن أن تنجح فكرة الاتحاد الخليجي اذا لم نستنسخ تجارب الآخرين في الاتحاد، وابتكرنا نظامنا الاتحادي الخاص بنا، والذي يفي بحاجاتنا، فنحن بحاجة الى نظام اتحادي في الدفاع (قيادة مركزية واركان حرب مشتركة) فلقد ولى زمان الجيوش الصغيرة في ظل التحديات الكبيرة، وفي الخارجية بحاجة الى (منسق للسياسية الخارجية) فلقد اثبتت السياسة الخارجية الموحدة لمجلس التعاون والداعمة لقضايا الشعوب العربية وقضايا الربيع العربي والتي تزعمت فيها الديبلوماسية العربية بل وقادت الجهود الدولية في المحافل الدولية، ان العمل المشترك يعطي بعدا أعمق للديبلوماسية وتأثير اكبر في العلاقات الدولية، وكذلك ضرورة اكمال الاتحاد الجمركي لأنه ضرورة عملية لتسهيل التجارة وانتقال البضائع في الاقليم، اما في الاقتصاد فستكفي الوحدة النقدية وإنشاء «هيئة مشتركة للطاقة والبترول» لتنسيق انتاج وتصدير البترول والغاز وتوزيع الكهرباء، وخلاف ذلك فإن التنسيق والتعاون بين دول الاتحاد لتسهيل الاستثمار وانتقال العمالة الخليجية واعطائها الاولوية لها في العمل يعد كافيا، وبذلك نكون قد اخذنا افضل ما في النظام الاتحادي مع الاحتفاظ بخصوصية كل دولة على حدة.
فالعبرة في الانظمة السياسية هي تحقيق الامن والرفاهية لشعوبها وبغض النظر عن مسمياتها.