يبدو ان الاحتجاجات السياسية في الكويت بدأت تتأثر بما يسمى بـ «الربيع العربي»، رغم أن مصير الدول العربية التي اجتاحتها الثورات مازال غامضا وغير مشجع، علاوة على اختلاف الأوضاع السياسية والمعيشية بين الكويت وتلك الدول.
كذلك فان النظام السياسي الكويتي يتمتع بالشرعية التاريخية والدستورية والتي مازال متمسكا بها، وحتى المعارضة السياسية مازالت مؤمنة بذلك، ويجب عليها ألا تقترب من الخطوط الحمراء مهما كانت الاوضاع السياسية ضبابية، فلدينا دستور يحكم العلاقات بين السلطات وينظم عملها، وإن اتهمت المعارضة الحكومة باستغلال القصور الدستوري والتشريعي لمصلحتها، كان يجب على المعارضة السياسية أن تتعامل مع القضية وفق الاطر القانونية، ومهما كان غضبها على السلطة التنفيذية يجب ان يترجم الى سلوك حضاري، فالوقفات الاحتجاجية والمظاهرات السلمية مسموح بها بشرط التزام القانون.
أما من جانب الحكومة فرغم اختلافنا معها، إلا أننا نشهد أن لديها مستشارين قانونيين ودستوريين نجحوا في استغلال الثغرات في الدستور وفي اللائحة الداخلية أفضل استغلال، فتمكنوا من تحويل الاستجواب الموجة الى رئيس الحكومة الى المحكمة الدستورية ومن ثم تصوت الحكومة والاقلية البرلمانية على شطب الاستجواب!
ولكن أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة كان بالجانب الإعلامي، فالماكينة الإعلامية الحكومية تتكون من مجموعة اعلاميين وسياسيين غير موضوعيين ومكروهين من الشارع السياسي، فهم لا يحاورون ولا يشرحون سياسة الحكومة بل يستفزون الخصوم ويضرون الحكومة أكثر من نفعهم لها، والاكثر خطورة هو تصوير الأحداث الأخيرة من تظاهرات وما تبعها من اقتحام مجلس الأمة، على أنها تدار من الخارج ومن فئة اجتماعية معينة، وليس كما هو الواقع أنها حراك اجتماعي وسياسي من فئات المجتمع جميعها.
في الختام يجب أن تكون سياسية الحكومة وانجازاتها واضحة، ولابد أن تعتمد على وجوه جديدة لشرح مواقفها بطريقة هادئة وغير استفزازية.
كذلك على المعارضة السياسية أن تكون أكثر نضجا فلا مانع من الاعتصامات السلمية، بل الإضرابات وحتى خيار الاستقالات الجماعية الذي يجب أن يكون حاضرا، ولكن يجب الابتعاد عن التصادم بين المتظاهرين والشرطة وكذلك يجب أن يبتعد خطاب المعارضة عن الخطوط الحمراء!