النظام السياسي الكويتي يقوم على مبدأ «فصل السلطات مع تعاونها» كما نصت على ذلك المادة 50 من الدستور، ولكن المتأمل للوضع السياسي يجد أن السلطات لم تتعاون مطلقا بل تحولت العلاقة بينها مؤخرا إلى صراع مكشوف عطل مصالح الوطن والمواطنين.
فالسلطة التشريعية (مجلس الأمة) تتهم الحكومة بالعجز عن تحقيق مشاريع التنمية او تنفيذ خطتها الخمسية أو حتى برنامج عملها وكذلك الحكومة متهمة بتعطيل الأدوات الرقابية الدستورية لمجلس الأمة (الاستجوابات) عن طريق تحويله (الاستجواب) الى المحكمة الدستورية أو إلى جلسة سرية. بل وصل الأمر الى اتهام الحكومة بالفساد وأنها تقوم برشوة أعضاء بمجلس الأمة بما بات يعرف بقضية الشيكات والتحويلات المليونية، وتدعي المعارضة أنها تملك الشارع السياسي وان الحشود الشعبية التي تحضر ندواتها ما هي إلا انعكاس لتأييد الرأي العام لها.
أما السلطة التنفيذية (الحكومة) فترى أنها تملك الأغلبية البرلمانية المنسجمة معها ولكنها تشكو حتما من ديكتاتورية الأقلية البرلمانية والتي تتهمها الحكومة بأنها أحد الأسباب الرئيسية وراء تعثر أدائها، ولان تلك الأقلية وبتحرشها المستمر بالحكومة تؤدي الى إشغالها عن التنمية وإنجاز الخطط.
وكذلك ترى الحكومة أن من حقها تحويل الاستجوابات إلى المحكمة الدستورية وتحويل الجلسات الى سرية وفقا للقانون واللوائح!
اما بشأن الحديث عن الشارع السياسي والحشود الشعبية المعارضة، فان الحكومة مؤمنة بأن تلك الحشود ما هي إلا أقلية غاضبة ولا تمثل الرأي العام وأن الأغلبية لم تتحرك ومازالت محايدة ان لم تكن موالية.
أما السلطة القضائية فقد دخلت أو أدخلت قسرا إلى ساحة الصراعات السياسية عن طريق المحكمة الدستورية وقرارها الأخير بشأن استجواب السعدون والصرعاوي لرئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، والذي فسر من قبل الموالين للحكومة بأنه يمنع تعسف الأقلية في استخدام حق الاستجواب للرئيس على أعمال وزرائه وليس فقط على السياسة العامة.
بينما ترى المعارضة أنه مجرد قرار وليس حكما وهو غير ملزم لمجلس الأمة، بل ذهب البعض الى القول بان المحكمة غير مختصة بالنظر في موضوع الاستجواب أصلا، وهي مختصة فقط بالطعون الانتخابية وبدستورية القوانين فقط، وبالنظر الى قرارات سابقة للمحكمة في نفس الشأن كانت قد أبدت فيها صراحة المحكمة الدستورية انها غير مختصة بالنظر في الاستجوابات ومدى دستوريتها!
وبذلك أصبح الصراع وعدم التعاون بين السلطات الثلاث ماثلا للعيان، حتى وصل الأمر للقطيعة الشخصية بين أفراد من المعارضة والحكومة ورئيسها، وكذلك مقاطعة لانتخابات اللجان البرلمانية ما يهدد بتعطيل أعمال مجلس الأمة بالكامل، بل حذرت المعارضة صراحة بأنها ستصعد الأمر شعبيا لتجبر الحكومة على الاستقالة وتمهد لحل البرلمان.
وفي النهاية، الرجاء معقود على صاحب السمو باعتباره أبا السلطات الثلاث لإنهاء ذلك الصراع الخطير والمخيف، فالعودة الى الشعب مصدر السلطات (المادة 6) ليحسم الجدل ويضع النقط على الحروف باتت أمرا ضروريا!