كان هناك من يرى ان إبقاء الوضع السياسي الحالي والمتأزم وإدارته ببعض التنازلات والتحالفات والترضيات، هو أفضل من الرضوخ لطلبات الشارع السياسي والمعارضة والمتمثل بإسقاط الحكومة وتغفل هذه الرؤية عن حقيقة أثبتها التاريخ القريب والبعيد، بأن كل تأخير بإجراءات الإصلاح السياسي يحمل النظام السياسي تكلفة باهظة، لأنه حتما يؤدي لرفع سقف المطالبات الشعبية والنيابية!
فكانت المطالبات بتنمية اقتصادية ومراقبة السلوك المالي للحكومة فقط، وكانت أكثر الاستجوابات موجهة إلى وزراء المالية، فتطور الأمر إلى استجواب وزراء الأسرة الحاكمة، ثم طالت المساءلة رئيس مجلس الوزراء.
وكان طموح المعارضة السياسية فقط أن تكون جلسة استجواب رئيس الوزراء علنية وليست سرية، ولم تحصل على مطلبها، بل في الاستجواب الأخير لسمو الرئيس تم تحويل الاستجواب الى المحكمة الدستورية ولم يناقش مطلقا، ولم تتمكن المعارضة حتى من استجواب سموه حتى ولو بجلسة سرية بالتأكيد نجح النظام السياسي بتأجيل سقوط الرئيس، ولكن ماذا فعلت الحكومة من إنجاز تنموي يساعدها على البقاء، كإنشاء مستشفى أو جامعة أو مدينة سكنية أو طرق سريعة لا شيء وعلى الصعيد السياسي كان الإخفاق الأكبر، فالفتن الطائفية والفئوية إن لم تكن الحكومة هي التي أفتعلتها كما يدعي خصومها، فإنها لم تحاول حتى إخماد نارها التي مازالت تشتعل بمجتمعنا، صراع أبناء الأسرة الحاكمة كان حاضرا، أما علاقة الحكومة مع مجلس الأمة فحدّث ولا حرج، فلا تعاون ولا يحزنون، وكانت المعارضة في السابق تتشكل من نائب او نائبين او حتى كتلة برلمانية واحدة، فأصبحوا بفضل سياسة الحكومة إلى ما يقارب نصف البرلمان «22 نائبا مع عدم التعاون».
أما حلفاؤها من النواب فتدور حول مواقفهم ودعمهم للحكومة في الاستجوابات الكثير من الشبهات، حتى وصل الأمر إلى ما يسمى بالتحويلات المليونية وفي هذا الخضم تناست الحكومة واجبها التنموي وأصبحت مقاومة رغبة المعارضة وأغلبية المواطنين برحيلها هو شغلها الشاغل.
فأصبحت المظاهرات تكبر يوما بعد يوم، ومطالب المتظاهرين تزداد، فكانوا يريدون رحيل الحكومة، فأصبحوا ينادون بمحاكمتها وليس فقط استجوابها على ضوء (الفضيحة المليونية)، بل رفعت المعارضة من سقف مطالبها لتشمل الدائرة الانتخابية الواحدة، وإنشاء الأحزاب السياسية وهيئة مستقلة للانتخابات، بل ذهب بعض الشباب المتحمس إلى المطالبة بإمارة دستورية إشارة إلى جعل منصب رئيس الوزراء من الشعب وفي النهاية كلما كان الإصلاح السياسي والاقتصادي مبكراً قلت تكلفته على النظام السياسي الذي نؤمن به ونحبه.
٭ شكر وتقدير إلى د.حسين الهدبة أستاذ أصول التربية في كلية التربية الأساسية على حسن تعامله مع الطلبة ومساعدتهم.
والشكر إلى د.سلوى البرجس رئيسة مكتب التربية العملية في كلية التربية الأساسية، على حسن تعاملها مع الطلبة.