سأقطع يمناي الكريمة قبل أن تكتب مديحاً في حق الزميل سامي النصف، خصوصاً بعد مقالاته عن الأحداث في السنوات الأخيرة، وتشكيكه في مواطنة حضور ساحة الإرادة، وتبريره المزمن لأفاعيل السلطة، وسنّ قلمه المدمن على التبرير للسلطة وشيطنة المعارضة. سأقطعها وأرميها لكلاب الشارع العربي التي تعاني أزمة سكن.
عذراً أبا عبداللطيف، أو أبا عبده، كما أسميك، فقد كنت لسنوات قلم الفساد وكاميرا العبث وصوت الطغيان، فكما أن هناك قانونيين ارتدوا ثياب الخياطين، ليخيطوا قوانين توافق أصحاب النفوذ، هناك إعلاميون مهمتهم الإشارة إلى مكان الفوضى والتصفيق والصراخ بدهشة: "الله الله، انظروا إلى روعة هذه اللوحة السيريالية"… أبا عبده، كنتٓ مبرراتياً لا يُشق له غبار، وملمعاتياً لا يُهد له جدار، ولهذا، لهذا فقط، كما أرى، استطعت، أنت، التنقل بين "بوفيه الحلويات"، مرة تتناول البسبوسة، وتارة تتناول الكنافة، والبلد بالكاد يتناول الخبز اليابس.
ومشكلتك الأخيرة مع وزير(ك) لا علاج لها عندنا أفضل من "نار تأكل حطبها"، لولا أن الناس، للأسف، هم الحطب وأنتما النار، إذ لن تتأثرا أنت ووزيرك بصورة مباشرة، ولا حتى من يقف خلف الكواليس حذراً من الظهور على خشبة المسرح، وما أكثر الواقفين خلف الكواليس، في حين سيكون البسطاء وقود هذه النار، وهو ما دفعني وآخرين إلى الوقوف معك في هذه الجزئية، أي مع إتمام صفقة شراء الطائرات المستعملة.
لا تعنينا تفاصيل خلافكما. لا يعنينا كبرياء الوزير، ولا كبرياؤك أنت، يعنينا فقط دابة تنقلنا بسلام، نمتطيها مطمئنين، بعد أن تبخرت أموال دولتنا في الشرق والغرب، وبعد أن تحولت السلطة إلى ساحر يُدخل الأموال في كمه الأيمن، فتخرج لنا حمامة من الكم الأيسر… وقوفنا معك لأنك خرجت إلينا وتحدثت بالأرقام، في حين تعملق الوزير على الشعب، كعادة الوزراء، وتضخمت ذاته فرأى نفسه أكبر من أن يظهر على الشاشات ليرد على تساؤلات الناس.
أبا عبده، نعلم أن الرياح المضادة لهذه الصفقة أقوى بكثير من الرياح الدافعة لها، والرياح المضادة هي رياح المنافسين، ومعهم الغاضبون لخروجهم بلا عمولة ولا حبة حمص، وهذا ما جعلنا ندفع معك لإتمام الصفقة، إضافة إلى ما قرأناه عن الجدوى الاقتصادية للصفقة، وقبل ذا وذي وتلك… مصلحة الناس وسلامة أرواحهم.