ضجيج المغردين الكويتيين في “تويتر” مثل ضجيج صغار السماسرة في البورصة الأميركية، أولئك الذين يرتدون قمصاناً زرقاء، ويؤشر كل منهم بأصابعه ويديه بانفعال شديد لطلب الشراء أو البيع، ومن حولهم أوراق متناثرة في القاعة، وفوضى تهز الأركان. بيد أن السماسرة يحصلون على نِسبٍ من الصفقات التجارية، في حين يحصل المغردون الكويتيون على سبٍّ وشتيمة من الصفقات السياسية، أو الطائفية.
تابعت ما يكتبه المغردون السوريون، والمصريون، والسعوديون، والقطريون، والتونسيون، وغيرهم من شعوب الأرض، والعرب خاصة، فوجدت السوريين منهمكين في شأنهم السوري، يتبادلون الشتائم والصور والحجج، لا أحد منهم يعلق ولو بالخطأ عما يحدث خارج سورية، وألفيت المصريين لا يخرجون خارج حدود شأنهم المحلي، وكأن التعليق على أحداث الشعوب الأخرى يتطلب الحصول على “فيزا” من شركة تويتر! تجدهم إذا تحدثوا عن أميركا، فمن زاوية علاقتها بمصر وتيارات مصر السياسية، وإن تحدثوا عن دول الخليج، فمن الزاوية ذاتها، وهكذا…
وحدهم السعوديون منشغلون مثلنا بأحداث كوكب الأرض، لكن تغريداتهم غالباً تدخل من باب “حكم الشرع في…”.
صدقاً، الأمر يحتاج إلى محللين نفسيين يشرحون لنا سبب هذا الاهتمام الشعبي الكويتي بأحداث الأرض، رغم أن حكومتهم لا تهتم أبداً بما هو خارج حدودها، ولا حتى داخل حدودها. بخلاف القطريين وحكومتهم المشغولة باستقرار لبنان أكثر من بعض اللبنانيين، وباستقرار مصر وديمقراطيتها أكثر من بعض المصريين أنفسهم. ولا أدري هل يشتغل برنامج تويتر في سلطنة عمان أم لا، الأكيد أنني لم أسمع لهم صوتاً فيه، وقد يكون السبب ضجيج الكويتيين.
“تويتر” هو المرآة العاكسة للشعوب وثقافاتها وحرياتها وإنسانيتها، والاهتمام بتحليل ما تكتبه الشعوب فيه مهم جداً، كما أرى.