أجزم جزماً لم يجزمه قبلي أحد، أننا لو حدثنا الأوروبيين عن أسباب إيقاف الكتّاب عن الكتابة في الكويت، وأسباب إغلاق البرامج التلفزيونية، وأسباب سجن السياسيين وشبان الحراك… لما صدقونا.
وأجزم جزماً أشد من جزمي الأول وأنكى، أننا لو كتبنا مقالاتنا هذه، وأذعنا حلقاتنا هذه عندهم، ونشرنا تغريداتنا بينهم، لضحكوا علينا ضحكاً مبيناً، ولمسحوا على رؤوسنا شفقة، ولنصحونا بنشرها في مجلات الأطفال، وتزيين مقالاتنا ومضمون حلقاتنا وتغريداتنا بعدد من الصور التي تحمس الأطفال على القراءة وتشدهم إلى المجلة، في باب "الطفل السياسي الشطّور".
لكن الخشية والموت "الحمر" أن يشعر الأطفال الأوروبيون بالقرف والشفقة علينا وعلى كتاباتنا ويزدروا سقف أطروحاتنا، فتنخفض أسهمنا في مجلاتهم، ويستغني أصحاب المجلات عنا، بسياسيينا وكتابنا وفضائيينا وثومنا وبصلنا، فنصبح عاطلين عن العمل، ونذهب إلى اليابان وملّاك مجلات الأطفال اليابانية نعرض عليهم خدماتنا، فيستقبلوننا بانحناءة احترام، فنعرض عليهم إنتاجنا، فيقرأونه، فيزمّون شفاههم غضباً، قبل أن يضربوا بقبضاتهم المفتوحة كبودنا، لسخافتنا وجبننا، فنسقط ونبكي، ونلملم أغراضنا وما تبقى من كراماتنا التي اختلطت بحبات الرمل، ونغادر غير محسوف علينا.
ونذهب إلى البرازيل، حيث الأطفال الذين ولدوا وترعرعوا في عهد "لولا دي سيلفا"، أحد أفضل رؤساء العالم على مدى التاريخ (خرج من المنصب قبل عامين، ومن يقرأ إنجازاته يصب بالذهول والدهشة ويتمنى لو قبّل رأسه)، أقول تذهب المعارضة كلها إلى البرازيل، بربطة المعلم، بإعلامييها وسياسييها وقضها وقضيضها، فنعرض عليهم إنتاجنا وتصريحاتنا وكتاباتنا وحلقاتنا، فيرمينا الأطفال هناك بالمحاصيل الزراعية التالفة، ويطاردوننا بين الحقول والفدادين الزراعية.
الوكاد… أو الأكيد، كما في اللغة الفصحى، أن سقف معارضتنا أقل من أن يكون صفحة في مجلات أطفال الشعوب المحترمة، لذا يجب أن نراجع مجلات الأطفال قبل كل ندوة وكل تجمع وكل بيان.