كالعادة، اختلف الرواة والمفسرون حول عدد معتصمي ساحة الإرادة يوم الاثنين الماضي، فقائل قال: عشرة آلاف، وقائل: بل سبعة آلاف، وقائل: بل خمسة آلاف (وأنا من هؤلاء الرواة)، وقائل: بل ألف، وقائل: بل ثلاثمئة، وقائل: بل سبعة وثامنهم كلبهم… تعددت الروايات والحشد واحدُ.
دونك الأعداد فاختر منها ما يناسب مذاقك، لكنك لن تختلف معي في أن عدد المتجمهرين أصغر بكثير من حجم الحدث.
طيب ما الحل؟ سأجيبك فافتح لي أذنيك وعينيك وعقليك، يرحمك الله ويرحم والديك… أمامك الآن حكومة (الاسم الحركي للسلطة، نستخدم هذا الاسم لتجاوز رقابة الرقيب وقضايا النواح والنحيب)، أقول أمامك الآن حكومة مجهزة بأحدث عتاد، ومدججة بأخطر الأسلحة، واعفني من تسمية أسلحتها كي لا أضيع في الكازوزة، في مقابل معارضة متعددة الألوان، تعتمد في قوتها على الناس، وهنا مكمن ضعفها! هنا الثغرة التي تخترق فيها جيوش الحكومة دفاعات المعارضة، فالناس مزاجيون بطبيعتهم، بعضهم لم يعتد على العواصف، ولا يحتمل حرارة البراكين، ولا تطيق أقدامه الصبر ساعة على الرمضاء، وتتشقق شفاهه من الظمأ بسرعة (أكرر البعض)… لذا أظن أنه من الخبال أن ترمي المعارضة كل ثقلها على الزخم الشعبي، في وقت كهذا.
ستبادرني: هذه هي المشكلة، فأين الحل إذاً؟ صبرك علي، دعني أسألك أنا: ما هو تخطيط الحكومة؟ أقصد ما هي خطوات الحكومة بعد أن رأت أعداداً في ساحة الإرادة لا تخيفها؟ ستقول لي “سترفع مرسوم دعوة للانتخابات”، وسأقبّل خشمك وأقول لك “هنا نهاية الغي”.
ستتزاحم بعض الأسماء المشبوهة على الانتخابات وكراسي البرلمان، وسيقاطع الانتخابات رموزٌ لها ثقلها وعقلها، وسيتردد من يمتلك ولو ذرة من ال… شسمه (افهمني الله يرضى عنك)، وستتفرق الناس التي كانت في صف الحكومة، وبعد إعلان النتائج سيقرأ الناس في الصحف أسماء القراصنة في لجان المجلس، فيتضاحك الناس في بادئ الأمر، ثم تتحول ضحكاتهم إلى ابتسامات ساخرة، قبل أن تتحول الابتسامات إلى تجهّم، فيتحول التجهم إلى غضب، فيتحول الغضب إلى تجمع كاسح في ساحة الإرادة، تسقط أمامه الأسماء المشاركة في البرلمان، وترتفع أسهم مقاطعيها.
سلسلة جميلة من الأحداث كأني أراها أمام عينيّ الآن، ستقابلها سلسلة من الهبات من قِبَل الحكومة، على رأسها إسقاط فوائد القروض، لشراء ود الناس، لكن الوقت قد قزح، على رأي اللمبي، وجذوة الغضب لن تنطفئ بسهولة.
والمطلوب الآن أن تستمر المعارضة في إصدار بياناتها، وفي تجمعاتها في الديوانيات، وغير ذلك من مؤشرات الثبات على الموقف والإبقاء على الجذوة مشتعلة، ثم تستريح المعارضة تحت شجرة الحكومة وتتلقف الثمار التي ستتساقط عليها، وما أكثر ثمار الحكومة، وما أكثر غلطاتها.
ولمن يخشون نجاح الحكومة وبرلمانها في إنجاز بعض المشاريع الشعبية مصحوبة بفساد شامل، أقول: في هالشارب، لن تنجح لا هي ولا برلمانها في الإنجاز، وسيتنافسان على الفساد، فاطمئنوا.
انتظروا معي وراقبوا كيف تتشكل السلسلة، التي ذكرتها، وكيف يتزين بها جيد الكويت قريباً… وما أجمل السلسال والجيد.