محمد الوشيحي

الليبراليون… في جمرة القيظ

من يقول إن نسائم الربيع العربي لم تمر على الكويت أظنه لم يخرج من صالة منزله، حيث التكييف ودرجة الحرارة الثابتة… ماذا نسمي إسقاط حكومة بجملِها وجمّالها؟ وماذا نطلق على إسقاط برلمان ببصلِه وقثائه؟ والأهم من هذا وذاك، بماذا نصِف التغير في الوعي المجتمعي، تحديداً في الدائرتين الرابعة والخامسة اللتين كانتا “ثغرة ديفريسوار” تخترق من خلالها الحكومات المتعاقبة صفوف الشعب وبرلمانه، فأصبحتا “كتائب المواجهة” في وجه الفساد في السلطة وخارجها؟
لن أحدثك، ولا تحدثني، عن أسباب هذا التغير الجذري في عقول المواطنين، حفاظاً على وقتي ووقتك، وتعال نتحدث عن وجود أو عدم وجود “ربيع عربي” في الكويت… صحيح أن نسماته ناعمة لا تقارن بنسمات ربيع تونس ولا ربيع مصر ولا اليمن ولا سورية ولا ليبيا ولا حتى ربيع السودان المولود، هذا صحيح، لكن إنكاره (الربيع الكويتي) غباء. الربيع الكويتي ناعم مُترف كأنامل الشعب، وكل ربيع في أي بلد عربي يتناسب مع أنامل شعبه. هي قاعدة.
الغريب أن نسائم الربيع الكويتي لم تصل إلى منطقة الليبراليين، ولم تزحزح كرسياً واحداً من كراسي “ولاة أمرهم”! يبدو لي أن نوافذ الليبراليين كانت مغلقة وأبوابهم موصدة في وجه نسائم الربيع، ومازالوا يعتقدون أن الكويت في “جمرة القيظ” أو “مربعانية القيظ” كما يسميها آباؤنا.
وكنت قد نصحت قبيلة الليبراليين باستئجار حافلة صغيرة تسعهم كلهم (تعدهم على أصابع يديك ويفيض أصبعان) ويحرصون على ملئها بالوقود، قبل أن ينطلقوا بها إلى محافظات لم يسمعوا بها من قبل، كمحافظة الجهراء ومحافظة الأحمدي ومحافظة الفروانية، ليكتشفوا بأنفسهم مجتمعات وشعوباً وقبائل لم يروها من قبل. وكنت أظنهم (الليبراليين) لم يخرجوا من مناطقهم، فاكتشفت أنهم لم يخرجوا أصلاً من بيوتهم، ولا يعرف أيّ منهم ما يحدث، ليس في الشارع المجاور بل في المنزل المجاور.
التيار الليبرالي يعيش في عزلة، لا علاقة لها بالتأمل ولا الاعتكاف، وإذا مات فلن يكتشف أحد موته إلا بعد أن تتعفن الجثة وتفوح رائحتها، عندها سيضطر الجيران إلى كسر الباب واستدعاء الشرطة.
ولو كانت تربطني علاقة قرابة أو نسب مع التيار الليبرالي لنصحته: “افتح النوافذ لتسمح للنسائم بالدخول ويتغير الهواء الخانق في داخل الغرفة، أو على الأقل ضع ظهر يدك على الزجاج لتلمس برودة الجو في الخارج”. فإن لم “ينتصح” اصطحبته إلى طبيب نفسي.
صدقوني، التيار الليبرالي مريض، ومرضه نفسيّ بحت، وليس على المريض حرج، فابدأوا مرحلة علاجه بفتح نوافذ غرفته.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *