محمد الوشيحي

رحيّة ألمانيا

أغمض عينيك، وسأغمض أنا عيني، وعض شفتك السفلى، وسأفعل مثلك، أقصد سأعض شفتي أنا لا شفتك أنت، وتعال نتخيل، لو أن الكويت، من أقصاها إلى أقصاها، من العبدلي إلى النويصيب، مروراً بالصباحية قطعة واحد وسنترال الفحيحيل، الكويت كلها بمساحتها وشعبها وطقسها وتضاريسها ونفطها واستثماراتها ومسؤوليها وشوارعها ومستشفياتها وبصلها وثومها وقثائها ووو، لو أنها انتقلت من موقعها الحالي لتصبح مقاطعة ألمانية أو سويسرية أو فرنسية، أو جزءاً من أي دولة من الدول التي يخشى قياديوها الشعب، والعياذ بالله ولا قدر الله…
وللتذكير مرة أخرى، وقبل أن تشتمني، قلت تعال نتخيل ولم أقل تعال نتمنى، أي أن القصة مجرد خيال ليس إلا، أو كما يقول السودانيون “خيال ساكت”. وهنا تعال مرة أخرى لتساعدني في وضع علامات الاستفهام على الطاولة ونحاول الإجابة عنها…
هل سيكون التجار الحاليون تجاراً أيضاً؟ وللتوضيح، لأن نيتي خبيثة نسأل الله العافية، هل سيتمكن تجارنا الحاليون من تكوين ثروات مشابهة لثرواتهم الحالية لو كانت الحكومة المركزية ألمانية، والبرلمان ألمانياً، ولجنة المناقصات المركزية ألمانية، وديوان المحاسبة ألمانياً، والشعب ألمانياً، ووو؟ وهل كانت الحكومة الألمانية ستمنح تجارنا، الذين هم ألمان، قسائم صناعية بفتافيت الفلوس، فيؤجرونها على محلات “البنشر” وتقطيع الرخام؟
وهل كان الوكلاء والوكلاء المساعدون والمديرون العامون سيحصلون على مناصبهم لو كان ديوان الخدمة “ميد إن جيرماني”؟ وماذا كان سيفعل وزير الصحة الألماني لو أنه قام بزيارة إلى “مقاطعة الكويت” وشاهد مستشفى الجهراء أو مستشفى العدان أو مستشفى الفروانية؟ وماذا كان سيفعل بمسؤولي المستشفيات؟
وكيف ستتعامل الحكومة المركزية، الألمانية طبعاً، مع ملاعبنا الرياضية الجرباء الشهباء، ومع العامل الآسيوي الذي ظهر في الشاشات والتقطته الأقمار الصناعية وهو يرش أرضية ملعب نادي الكويت ليبللها في مباراة منتخبنا مع ريال مدريد؟
وهل كان رؤساء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية سيحرصون على “تضبيط” أحد في وزارة الشؤون الألمانية ليتقاسموا معه غنائم الحرب؟ وهل كان محافظو المحافظات الست سيقتصر دورهم على رعاية حفلات رياض الأطفال فقط، وفقط تعني فقط؟ وهل كانت مهامهم والمعلومات عنهم – أقصد المحافظين – ستبقى سرية غير معلومة للعامة، لا ينافسهم في السرية إلا قيادات الماسونية العالمية؟
وهل كنا، كشعب كويتي يعيش في مقاطعة ألمانية، سنسمع عن البحر دون أن نراه؟ بمعنى، هل كان أصحاب الشاليهات سيتمكنون من إقامة مبانٍ أسمنتية على البحر، رغم أنها ممنوعة في كل الدول المحترمة؟ (أرجو أن تعيد قراءة الجملة السابقة وتبحث عن كلمة “المحترمة” قبل أن تأتيني بأدلة مشابهة من الدول العربية، المحترمة جداً جداً).
الأسئلة أكثر من “جوج وماجوج” كما يقول كبار السن، وكل سؤال ينجب أكثر من عشر علامات استفهام، يطلقها في الشوارع بلا تربية، لكن السؤال الوحيد الذي أمتلك له جواباً هو: كيف كان سينظر الألمان، إخواننا وشركاؤنا في الوطن، إلى مقاطعة الكويت؟ والجواب: كما ننظر نحن إلى “منطقة رحيّة”! أجزم أنهم سيحولون الكويت إلى مستودع ضخم للإطارات المستهلكة، وقبل ذا أجزم أيضاً، أن الكويت لن تحترق المرة تلو المرة كما يحدث عندنا في منطقة رحيّة.
تخيل وسأتخيل معك، فكل شيء ممكن وجائز، إلا أن يصبح ولدي سعود ألمانياً، يحافظ على النظام العام ويحترم بزران ألمانيا ولا يضربهم.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *