محمد الوشيحي

آيساد

سحقاً للدول الصناعية، و”طز مرة ثانية فأمريكا وبريطانية”، وسحقاً لألمانيا، وسحقين اثنين لليابان، وسحقات لا حصر لها لكبريات الشركات الصناعية وأصحابها، ووو، وسحقات أكثر منها وأكبر لكل الاختراعات التي عجزت أن تنجب لنا جهازاً واحداً، واحداً بس، يضعه الواحد منا في جيبه فيكتشف كذب الكذوب وصدق الصدوق.
وسأشرح فكرته كي يتبناه مصنع من مصانع الخير؛ يكون بحجم علبة السجائر، نضعه أمام المسؤول أثناء حديثه، فيعطينا ضوءاً أخضر إذا كان المسؤول صادقاً، وأصفر إذا كان كاذباً، وميزات أخرى بحسب ما يراه، وبحسب الكذب ومستواه… نمرره على بيانات الحكومة أو التيارات السياسية فيضيء بأحد اللونين، ونضعه على مقربة من التلفزيون ونختار المحطة، ونراقب ضوءه فنحكم على المحطة الفضائية، صادقة هي أم كاذبة، وهكذا، بشرط ألا يستخدمه الزوجان، حفاظاً على البيوت والأولاد. ويمكن تسميته “آيساد” على وزن آيفون آيبود وآيباد.
جزماً سيحقق أرقاماً قياسية في المبيعات لم يسبقه إليها غيره، خصوصاً في عالمنا العربي الجميل، وعلي النعمة لأشترينّه، أو كما في اللغة، لأبتاعنّه، مهما كان سعره، ولو كلفني ثيابي التي أرتديها، على أن أكتفي بأوراق الشجر لتستر جسدي، فأضعه أول ما أضعه أمام رئيسي البرلمان والحكومة، قبل أن أضعه أمام بقية النواب والوزراء، ثم الإعلاميين المحترفين، ثم ناشري الصحف ومالكي الفضائيات، ثم ثم ثم…
وأقسم أن الجهاز بكامله، إذا وُضع أمام الفضائيات التي لا تمل من بث الأغاني الوطنية ولا تكل من المطالبة بهيبة الأسرة، سيصبح، الجهاز، كبقرة اليهود، أصفر فاقعاً لونه، وسيطلق أصواتاً لا تسر السامعين.
وأقسم مرتين أننا لو وضعنا الجهاز أمام بعض الليبراليين في البرلمان أو خارجه، لتمتم بكلمات يعاقب عليها القانون! ولو مر إلى جانبه بعض المتدينين في البرلمان وخارجه، خصوصاً ذلك المتدين، أو مدّعي الدين، عضو البرلمان، بملابسه المهيبة، لوقع الجهاز على ظهره وأطلق ضحكات تحرج الراقصة، قبل أن يستدير، الجهاز، ويقدم على فعل ما لا يحمد عقباه.
أما إذا وضعناه أمام الثنائي البرلماني، شهاب الدين وأخيه، فسيسد الجهاز أنفه، ويرتكب حماقات تذهل السكارى.
هو جهاز سيريح الناس ويتكفل بمهمة التفكير والتفسير، خصوصاً إذا ما تم تحديثه وأضيفت إليه ميزة “الختم على أنف الكذاب” بخاتم واضح لا لبس فيه، وأجزم أن ثلاثة أرباع المسؤولين الذين تمتلئ الصحف بصورهم، سينظرون إلى المصورين نظرتهم إلى ملك الموت، وسيهربون منهم هروبهم من الموت، وسيضع كل منهم ثوبه في أسنانه ويطلق ساقيه للريح، كما تهرب البغايا من شرطة الآداب، فيقفز هذا من النافذة، ويختبئ ذاك خلف الستارة! هو جهاز سيكفي لجان التحقيق العناء، ويكفي الناخبين الهراء، فأكثروا معي، يرحمني ويرحمكم الله الدعاء: “اللهم يسّر للمصانع تنفيذ “آيساد”، اللهم عجّل به فإنه رحمة، اللهم لا حول إلا حولك، ولا قوة إلا قوتك، فهب للمصانع وأصحابها القدرة على اختراعه، وهب لنا ابتياعه… آمين”.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *