محمد الوشيحي

لصوص أذكياء

ممتعة قصص السرقات، خصوصاً العربية، القديمة منها والحديثة… ففي واحدة من المملكتين العربيتين قبل الإسلام، المناذرة أو الغساسنة (الأولى في العراق، والثانية في جنوبي سورية، وإلى الثانية، الغساسنة، ينتمي غسان تويني ناشر جريدة النهار البيروتية، والد شهيد الاستقلال جبران تويني، الذي اغتيل بتفجير سيارته على يد عصابة بشار الأسد، وينتشر كثير من الغساسنة في تكريت في العراق، إثر هروبهم نتيجة هزيمتهم على يد المسلمين بعد معركة اليرموك) أقول في إحدى هاتين المملكتين، اقتحم مجموعة من اللصوص بيت ابن الملك، أو شقيقه، وقيّدوا الحرس، وسرقوا كل شيء، حتى ثياب الحرس. ولا أظن أنني في حاجة إلى أن أسرد كيف تم الاستدلال عليهم، بعد أن استخدموا ثياب الحرس في مشاويرهم اليومية.
وعندما جيء بهم إلى الملك قال وهو يكاد يقع على ظهره من شدة الضحك: “لن أقتلكم بسبب السرقة، ولا لأنكم تجرأتم فاقتحمتم بيت ابني، بل لشدة غبائكم، يجب أن نبتر هذا النوع من الغباء الجريء”.
وفي السودان الشقيق (لم أقل الشقي)، هذه الأيام، ثمة سرقة، لكنها سرقة تميت الحي وتحيي الميت لشدة الضحك! الناس تسرق خزينة أو مناقصة أو أجهزة أو معدات أو أو أو، لكن أحد المسؤولين في السودان سرق خط طيران “الخرطوم – هيثرو”، أي والله، فقد استيقظ موظفو الخطوط السودانية ليكتشفوا أن خط الطيران قد شُطب من الجداول، ولا أحد، حتى اللحظة، يعرف من قام بشطبه. ومازال الجماعة هناك يرفعون السجاد ويسحبون الكنب إلى الأمام بحثاً عن هذا الخط المفقود! اللهم لا تُضع لنا خطاً يا قادر يا كريم.
وفي دولة عربية أخرى، استولى رئيس هيئة المخزون الغذائي الاستراتيجي ومساعدوه على كل المخزون، وتقاسموه بينهم، وباعوه لحسابهم في السوق، واشتروا بأموال الدولة كميات بديلة عن المخزون المسروق، ليسرقوها مرة أخرى ويبيعوها.
الجميل أن رئيس اللجنة المسؤولة عن التحقيق في ملف سرقات المخزون الاستراتيجي هو ذاته رئيس هيئة المخزون الاستراتيجي، ومساعدوه في لجنة التحقيق هم مساعدوه في الهيئة.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *