محمد الوشيحي

اربطوا حصان عبيد

“رد النقى يا عبيد حالٍ وحيلة / يا عبيد يوم إنك تبي الدرب عجلان”، وكلمة “عجلان” تعني “مستعجل”… رحم الله الشاعر الخالد بندر بن سرور، كم كانت قصائده تفوح منها رائحة الحكمة.
ورحم الله فارس قبيلة العجمان العظيم “منصور الطويل” الذي لا يجيد التخطيط للمعارك ولا يمتلك الدهاء العسكري كغيره من فرسان القبيلة والجزيرة، لكنه كان الأشجع باعتراف أعدائه قبل أبناء عمومته، وكان العجمان يربطونه ويوثقون رباطه قبل كل معركة كي لا ينطلق على الأعداء بدون تنسيق ولا تخطيط مع أبناء عمومته فتدب الفوضى بينهم…
منصور الطويل هو الذي تحدث عنه شيخ قبائل العجمان ويام وفارسها راكان بن حثلين في قصيدته الشهيرة، أو مساجلته الشهيرة مع شيخ قبيلة قحطان الفارس ابن قرملة، وشيخ بني هاجر الفارس ابن شافي، عندما استعان بنو هاجر بأبناء عمومتهم قحطان لمحاربة العجمان، وكتب في ذلك ابن شافي قصيدة أرسلها إلى ابن قرملة، فأرسل الأخير قصيدة “إعلان حرب” على قبيلة مطير أو قبيلة يام، التي جاء منها البيت المعروف: “لا بد من يومٍ يثوّر عسامه / اما على المطران والا على يام”، وترجمة البيت “لا بد أن يرتفع الغبار على مطير أو على يام” كناية عن الحرب.
فجاءه رد راكان بن حثلين في قصيدة تاريخية (الحقيقة أن القصائد الثلاث كلها تاريخية) منها البيت المعروف: “قدامكم شيخٍ رفيعٍ مقامه / الخيل قرّح وأبيض الخد قدّام”، ومعنى البيت كما نقول في أمثالنا: “هذا الميدان يا حميدان”، وفي منتصف القصيدة أراد ابن حثلين استعراض قوة جيشه، كعادة القادة، فقال “معنا الطويل اللي تجيكم علامِه / مثل العديم اللي على الجول صرّام”، أي أن الطويل الذي سمعتم عنه وتناقل الناس أخباره من بين جيشنا، وشبّهه بالعديم، أي الصقر الذي لا مثيل له عندما يهوي من الفضاء بسرعة على أسراب الحباري.
هذا ما تناقلته الروايات وكتب التاريخ عن معارك الجزيرة العربية، وعمن كان يهاجم الخصوم بلا تنسيق مع جيشه، رحم الله أعلام الجزيرة وأبطالها وشعراءها. أما ما حدث في أقصى الأرض، في الولايات المتحدة الأميركية تحديداً، قبل احتلالها من قِبل البيض وهزيمة الهنود الحمر، سكانها الأصليين، فقد قرر “الثور الجالس” قائد الهنود الحمر قتل كل فارس من الهنود ينطلق مهاجماً الجيش الأميركي بلا تنسيق، بعد أن جلبت تصرفاتهم الكوارث له ولجيشه.
ولو كان النائب د. عبيد الوسمي في جيش الهنود الحمر لكان أول مَن يقتل كي لا يُحدث الفوضى في صفوف الجيش.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *