أحمل في يدي اليمنى هذه المقالة، وفي اليسرى اعتذاراً عن غياب مقالتَي الثلاثاء والخميس الماضيين. والسبب، أقصد سبب غياب المقالتين، هو كل هذا الغبار النووي الذي ارتفع في سماء الكويت، ما دعانا إلى ربط الاجتماع بالاجتماع، والنقاش بالنقاش، والاختلاف بالاختلاف، والصراخ بالصراخ، والضحك بالضحك، والإرهاق بالإرهاق… فتشوّشَ الذهن، وانكمش الوقت المخصص للكتابة، فخشيت أن أقدم شيئاً لا يليق، فاعتذرت، لأنني أرى أن “المقالة قصيدة” يجب أن يرسم بدايتها امرؤ القيس، ويتولى متنها وخاتمتها أبو الطيب المتنبي (يقول بعض النقاد: “الاستهلال – أي بدء القصيدة – لامرئ القيس، والبقية للمتنبي”).
وتسألني فأجيبك: ليس لدي نقطة شك في أن نواب البرلمان المقبل سيدخلون القاعة وهم مكشرو الأنياب، والدماء تقطر من أفواههم بعد كل ما جرى.
أمسك قلمك، أو قلبك، وسجل ما أقوله… سيتراوح عدد “الغاضبين” في البرلمان ما بين 32 و37 نائباً غاضباً، منهم 16 نائباً “مسجل خطر”، بزعامة أحمد السعدون، وأنت تعلم أن السعدون يمتلك صبراً يُخجل عمّال النسيج والسدو، ومعه “حامل البيرق” الملهم مسلم البراك، ود. جمعان الحربش، ود. فيصل المسلم، وعبد الرحمن العنجري، وأمثالهم ممن سيتولى قيادة “كتيبة المواجهة والصدام”. أما “كتيبة التطويق” فسيقودها مجموعة من الانتحاريين الشبان، كطارق المطيري، وخالد الفضالة، وعبد الله الأحمد، وأمثالهم من نواب الـ “كاموكازي”.
أما النساء النائبات، فيبدو أنهن “خسائر حرب”، باستثناء د. أسيل، التي “قد وقد”. وبالمناسبة، آه ما أشرس النساء اللواتي شاهدتهن في ساحتي “الإرادة” و”ناصر المصري”، وما أعمق اللواتي قرأت آراءهن في “تويتر” وفي “المدونات”.
عموماً، لن أشغلك بالتفاصيل، سأوجز لك… الشعب، في غالبيته، متأهب متحفز، يجلس على ركبته اليسرى ويثني ركبته اليمنى، كما يفعل عدّاء الأولمبياد قبل الانطلاق. ويقول البدو: “فلان مستفرس”، وهي كلمة تقال بعد الحرب مباشرة عن الفارس الذي قتل عدداً من الأعداء، ويلاحظ أنه حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها تبقى “شهية القتال” مسيطرة عليه، لذا يتفادى الجميع إغضابه. والشعب اليوم “مستفرس”، ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد.
وأظن أن على الحكومة المقبلة، برئاسة الشيخ جابر المبارك، أن تطلب التفاوض في الحال، وأن تتفادى الصدام بأي شكل من الأشكال، بدءاً من أصواتها في انتخابات رئاسة البرلمان، وليس انتهاء بأصواتها في انتخابات اللجان، وأظن في الشيخ جابر المبارك – حتى هذه اللحظة – الظن الحسن، ما لم، و”ما لم” أداة تنقض الميثاق، وترفع الوضيع وتضع الرفيع.
وتسأل أكبر العرافين السياسيين، فيضم منكبيه ويمط شفته السفلى ويُظهر باطنها، دليل جهله، لكنني سأقرأ الفنجان وأتفحص الفلك فأقول: ستعود رئاسة البرلمان إلى الشعب، وستعود اللجان معها، ومكتب المجلس، وستتقدم الكويت خطوات، وستتوقف فترات متقطعة، بسبب فواتير الحكومة السابقة ولدواعي الطائفية التي ستنشط انتقاماً لغياب رئيس الوزراء السابق، قبل أن تتوقف الدولة وتبدأ مرحلة التراجع، ويبدأ الصدام من جديد، فينتصر الشعب مرة أخرى، وتنطلق الكويت انطلاقتها الدائمة.