نسبة الطلاق في الكويت تحطم الأرقام الأولمبية ولا أبطال روسيا في الجمباز. فمن بين كل عشرة متزوجين تجد خمسة عشر مطلّقاً ومطلقة. ولا عجب، ولا غرابة…
شاب وشابة لم يلتقيا من قبل، ولا يعرف أحدهما عن الآخر شيئاً، يجتمعان، أول ما يجتمعان، في غرفة النوم، وعلى السرير، وهوبّا تُطفأ الأضواء، وهوبّا بلَس ايتين (+18).
سياسة حرق المراحل والبدء من النهاية. والعريس الشجاع هو الذي يدك الحصون ويتسلم مفاتيح المدينة منذ الليلة الأولى. ليش يا عقبة بن نافع؟ تسأله فيجيبك بدهشة: هل تريد أن يضحك علي الأصدقاء؟
يلي ذلك رحلة إلى ماليزيا، إذ لا يكتمل زواج الكويتيين إلا بشهر عسل في ماليزيا، ثم النتيجة المحتومة، الطلاق. وتسأل: ما الذي حدث؟ فتأتيك إجابة العقلاء: ماليزيا فأل نحس. سحقاً لماليزيا.
طيب ما الحل؟ أو قل: ما سبب المشكلة أولاً؟ فإذا عرفنا الإجابة سهلَ التشخيص، وإذا سهل التشخيص سهل إيجاد العلاج.
لنتفق أولاً على أن سبب المشكلة هو عدم معرفة الزوجين أحدهما بالآخر، وأن الزواج عندنا يأتي على طريقة «خذوه فغلّوه»، وأن «التحضير للزواج» ينحصر في نقاش المهر والأثاث والمجوهرات، لا رغبات الزوجين وطبيعتيهما.
إذاً يجب أن يتعارفا أولاً، ويتأكد كلّ منهما أن الآخر يناسبه، وأن هذا الغطاء لهذه الحلة، وما لم يركب الغطاء على الحلة فلن يتم الزواج.
جميل… لكن السؤال كيف يتعارف الزوجان في مجتمع، غالبيته العظمى، تسيطر على عاداته الشكوك، وتتفوق تقاليده البالية على تعاليم دينه، وتقاليده تحصر الشرف بين أفخاذ النساء؟ وكما كنا نفعل أيام المراهقة عندما كنا نرسم لحية على صورة سعاد حسني، وسكسوكة لشويكار، كذلك فعل بعضنا فرسم لحية للعادات الخاطئة وقصّر ثوبها وأعطاها «مسواك راك».
سنام المجد في عاداتنا هو أن تُخبأ المرأة حتى عن خطيبها، فإذا ناقشت أهلها صرخ في وجهك أخوها: «لست ديوثاً… وأنا أخو شمة». وما دخل الدياثة يا أخا شمة؟ وهل تريد أن تأتيك السيدة شمة بعد سنوات بأطفالها وهي مطلقة؟ ثم تأتيك أختها الأخرى، فالثالثة، فالرابعة، فيمتلئ بيتك بشمة وأخواتها؟ ارحم شمة يرحمك الله، فوالله لم يورد شمة المهالك ووعر المسالك إلا أنت.
وهنا… أرى أن عمنا الإنترنت سهّل العملية. فإذا كان أهل العروس يرفضون لقاءها بالعريس وجهاً لوجه، فلمَ لا يسمحون لها بلقائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تويتر وفيس بوك ومسنجر وواتس أب والمكالمات الهاتفية وغيرها؟ يحدثها وتحدثه، ويعرف ما إذا كانت كثيرة الطلبات، لحوحة، سطحية، أم «عينها شبعانة»، ذربة، هادئة. وتعرف هي ما إذا كان «ملو هدومه» أم أنه يعيش في جلباب أبيه ودراعة أمه…
أجزم أن نسبة الطلاق ستنخفض حتى تكاد تتلاشى إذا دخل الإنترنت في الموضوع. فالإنترنت كله خير، يُسقط الطغاة، ويكشف فساد الفُسّاد، ويقرّب العقول بعضها من بعض، ويوفق رأسين بالحلال، ويمنع تفكك الأسر.
سيقول «القوّالة»: ما الذي يضمن ألا يستغل صوتها وصورها ليبتزها ويبتزنا؟ فأقول: وهل سيشاهدها بملابس البحر؟ سيشاهدها بملابس البيت ويناقشها وتناقشه ويكتشف عقلها وتكتشف عقله، فهل في ذلك ما يستحق الابتزاز؟
افسحوا للإنترنت المجال، فإنه إن لم يأتِ بخير، فلن يجلب الشر أبداً… يا أُخوان شمة.