الدنيا تغيرت، والدول العربية المحيطة بنا تجري كل يوم لترفع لياقتها البدنية وتلحق بالدول المتقدمة، وما كان يحدث في سنة بات يحدث في يوم أو بعض يوم، ولم يعد لدى العشاق ما يكفي من الوقت للاستماع لأغاني أم كلثوم التي تمتد أكثر من ساعة وساعتين… خلاص… يا تلحق يا ما تلحق.
حتى الرجل الكويتي الذي كانت أقصى رغباته تنحصر في الأسعار والنساء، ولهذا جمع الرغبتين في دعاء واحد: «يا كريم يا مرخص الحريم»، على اعتبار أن النساء من مسؤوليات إدارة حماية المستهلك… أقول حتى الرجل الكويتي تغيرت رغباته، فالنساء اليوم أكثر من الهم على قلبه، خصوصاً بعد أن امتد نطاق مجلس التعاون الخليجي واتسع، وكل ما لا يجد سعره مناسباً أو حتى رخيصاً في الكويت يشتريه عن طريق الإنترنت أو أي طريق آخر. والمرأة الكويتية كانت فأصبحت.
إذاً… تغيرت المشاكل والطموحات والرغبات والنفسيات، وتغيرت الثقافة، وبات الكويتي، كغيره من مواطني دول العالم، يناقش مشاكله السياسية والاقتصادية ويحتج على هذا ويؤيد ذاك، وأصبح يشاهد ما تفعله الحكومات لخدمة شعوبها، وتابع تنافس فنلندا وآيسلندا والنرويج في قطاع الاتصالات، وكيف اشتعل السباق بين الحكومات الثلاث للتفوق على بقية دول العالم، فقرر برلمان فنلندا أن يضمّن الدستور مواد خاصة بالإنترنت باعتباره من حقوق الإنسان، فالتزمت الحكومة بذلك وتعهدت بأن توفر لكل منزل إنترنت بسرعة «1 ميغا بايت» كحد أدنى، فغضب الشعب النرويجي على حكومته وشعر بالغيرة، فخافت حكومته وتعهدت بأن «تشد حيلها»، وشدت حيلها بالفعل فتفوقت على فنلندا، ودخلت آيسلندا على الخط، وهات يا منافسة..
كل هذا وحكومتنا تعيش على النظام القديم، وتختبئ خلف نظام المشيخة وفداوية الإعلام وفداوية البرلمان وفداوية الفتاوى وأهل الفتنة، وتركت الاتصالات على نظام «يا طير يا خافق الريش، سلّم على بو عكاريش»، وإلى أن يصل الطير أبو الريش برسالة العاشق إلى منزل معشوقته الآنسة أم العكاريش تكون اليابان قد أعادت بناء جسورها المهدمة جراء الزلزال إلى حالتها قبل الزلزال (العالم شاهد صور إعادة الإعمار، وكيف استطاع اليابانيون إعادة بناء طريق سريع خلال أقل من أربعة أيام).
طيب وبعدين… ما الذي تبقى لم يفعله الشعب الكويتي ليعبر عن غضبه؛ استجوابات واستجوب، مقالات وكتبَ، مسيرات ومظاهرات وسارَ وتظاهرَ، لم يبقَ إلا أن «نطبع مفروشات ونوزعها»، على رأي اللمبي، بينما الحكومة تتمدد على أرجوحتها التي ربطتها بين شجرتين، وتستمتع بنكهة الفراولة على أنغام شتائم فداويتها لخصومها، والبلد يهوي ويهوي ويهوي، والشعب يغلي ويغلي ويغلي… وحتماً لن تستمر الأمور بهذه الصورة.