هي معركة ضد الحكومة كلها، من الدعامية إلى الدعامية، بنهجها وبصلها وقثائها، وضد البرلمان من المحيط إلى الخليج، وضد الفساد الإداري والمالي، وضد مؤسسات النفع العام الحكومية، وضد الماء الحكومي وضد الرصاص، وضد كل ما هو سيئ في هذا البلد. هي معركة ضد الوضع الذي يدفع بعض الكتّاب إلى «السجود» ومهاجمة المعارضين بحثاً عن منصب وزاري، ضد أن يتحول «ضباط المرور» إلى نجوم شباك سرعان ما يحصلون على عضوية مجلس الأمة، ضد التغاضي عن أخطاء هذا لأنه حبيبنا والتعسف مع ذاك لأنه خصمنا، ضد تحوّل الوزراء إلى وكلاء في وزاراتهم ينقلون هذا وينتدبون ذاك من صغار الموظفين، ضد أن تلقي الحكومة خطابها الأول ثم تغلق سماعة الهاتف في وجه الشعب، فنتصل بها فيرد علينا جهاز الـ«أنسر مشين»: «اتصالك يهمنا» وتلطعنا على الموسيقى.
هي معركة لتكريم الـ«لا» وتمجيدها وشرح فوائدها للوزراء، هي معركة ضد تحويل صحفنا إلى صحف قومية خوفاً وطمعاً، وضد قانون «ساكسونيا» المخصص لمحاكمة علية القوم الأوروبيين في القرون الوسطى، إذ لا يحاكمون المخطئ بل يكتفون بمحاكمة ظله، فإذا أدين نُفِّذَ العقاب على أحد عبيده الأفارقة… هي معركة ضد وضد وضد، ومخطئ من يتوهم أننا نريد فقط تغيير سمو رئيس الحكومة، أو أن بيننا وبين سموه ثأراً بائتاً.
هي ليست ثورة جياع يبحثون عن الخبز، كي تطل حكومة ماري أنطوانيت علينا من الشرفة وهي تضع أصابعها على فمها مذهولة وتستفسر: «ما بهم؟»، فيجيبها الخدم: «يشتكون من عدم توافر الخبز»، فتتساءل ببلاهة: «لماذا لا يأكلون البسكويت إذاً؟»، وبالمناسبة، هذه هي أشهر كذبة في التاريخ، على ذمة المؤرخين، فلم تقل ماري انطوانيت ذلك، لكن الداهية «روبسبيير» قائد الثورة الفرنسية الذي كان يرتدي ملابس النساء ويختبئ بينهن هو الذي أشاع ذلك كي يغضب الناس ويقتحموا القصر، وهو ما تم فعلاً…
معركتنا مع الحكومة ليست هوشة عيال في «براحة مدرسة» خلف البنك من جهة قطعة اثنين، كما كنا نفعل في الصباحية وضواحيها، ولا هي هوشة مصبنة في السوق «ليش تخز وليش تدز»، بل هي مطالب شعب يريد أن يطبق الدستور والمادة السادسة منه «الأمة مصدر السلطات جميعاً…»، وسينجح الشعب في ذلك. صدقيني يا حكومة سينجح.
صحيح أن عدد المعتصمين في يوم «8 مارس» مقارب لعدد حضور مسرحيات طارق العلي (في تقديري… من ألف إلى ألف وخمسمئة مواطن ومواطنة)، لكنه اعتصام البذرة الأولى التي ستنمو وتنمو وتنمو إلى أن تطرح ثمارها.
***
كتّاب الحكومة حكوميون حتى في مواعيد حفلات زفافهم، إذ دعانا كلّ من الزميل الطويل أحمد عيسى والزميل مشعل الذايدي إلى حفلتي زفافهما في يوم الاعتصام نفسه، الأول في العديلية والثاني في الجهراء، وأظنها خطة من تدبير الحكومة لتشتيتنا.
مبروك «اللباس» للزميلين ويقطّعونها بالعافية.
***
الطالب الجامعي الشاعر «صلاح العرجاني» الذي وصل إلى مرحلة متقدمة في مسابقة «شاعر المليون»، يمتلك مفردة مبهرة، وسيقتحم عالم الشعر السياسي بقوة، وستقرأون له قريباً ما يبهركم ويسحركم…
خذوا هذين البيتين من قصيدة له يمتدح فيها ثوار ليبيا وقبائلها الحرة:
«مع قبائل ليبيا عز منحوت // في صدورهم، ما ضيّعته المداين
قبائلْ اتنافس بعَضها على الموت // ما هي تنافس بعْضها في المزاين».
الله الله الله عليك يا ابن العم، وسحقاً لقبائل لا تتنافس إلا في «مزاين الإبل».
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة