الزميل بشار الصايغ، رئيس قسم المحليات في هذا الجرنال، كتب يوم أمس تحليلاً سياسياً عن رؤيته المستقبلية لتنظيم الحركة الشعبية الدستورية "حشد". وسأبدأ بالجملة التي ختم بها تحليله "تلك قراءة في مستقبل (حشد) قد يجانبها الصواب أو الخطأ، في بعضها أو مجملها"، وبعيداً عن الإضافة الغريبة لكلمة "أو الخطأ"، التي لا محل لها في الجملة، سأنحر له رأيي باتجاه الشمس فأقول: "بالواسطة وحقوق الزمالة، يمكن اعتبار قراءتك خاطئة في نصفها، وصحيحة في نصفها الآخر". كيف؟ سأجيبك بعد أن أدخلتني عنوة في "المعركة"، فمثلك لا نصم آذاننا عن حديثه، على أنني لن أضع قبضتيّ لتغطية وجهي من ضرباتك، كما يفعل ضعفاء الملاكمين، بل أنت من يجب أن يرفع مدربه الفوطة البيضاء، دليل استغاثة وإعلان استسلام، قبل اعتزال الملاكمة نهائياً…
شوف يا أيها "البشري"، أولاً تحليلك مجروحٌ ينزف دماً، ولا تُقبل صلاته، لأنك عضو في التحالف الوطني الديمقراطي، وبالتبعية أنت من أنصار كتلة العمل الوطني البرلمانية، التي لولا النائبان مرزوق الغانم وصالح الملا، اللذان لا ينتميان إلى تحالفك، لبكينا على قبر "كتلة المستقلين" الحكومية الناصعة البياض، بعد أن ذقنا طعم كتلتكم التي زوّرَت بطاقتها المدنية وارتدت فانيلة المعارضة زوراً وكذباناً. وقد تكون الغيرة السياسية، المنتشرة هذه الأيام، هي دافعك لكتابة هذا التحليل بعد إخفاقات كتلتك الواضحة أمام كتلة الشعبي، إلا إذا أردت أن تقنعني أن علي الراشد وسلوى الجسار – سابقاً – يمكن تسميتهما معارضة. ثم إن حياديتك اليوم لم توقّع على كشف الحضور، يبدو أنها في إجازة طبية. والعجب أن من ينتقد، أو فلنقل – مجازاً – يحلل مواقف "حشد" هو أحد أبناء التحالف الوطني، الذي لم يتبق منه إلا آثاره تذكرنا بحضارات سادت ثم بادت، مثل ثمود وعاد وإرم ذات العماد.
ثانياً، أنا لست عضواً في "حشد"، ولن أكون، فأفكاري تختلف نوعاً ما عن أفكارها، وإن كانت هي أغلى الخيل في عيني وأثمنها، ومثلها اعتاد الفوز في السباقات والتتويج على المنصة، لكنني لست من أهل مربطها لسوء حظي.
ثالثاً، أنت صوّرت الدائرتين الثانية والثالثة وكأنهما "كافور الأخشيدي" على عرشه، وبقية الدوائر هي القوافل التي يتقدمها حادي العيس آتية من "حلب" لتنال بركة مولانا الأخشيدي وتعلن له الولاء. ويحزنني أن اقول لك إن قوافل "الشعبي" التي أعرفها جيداً لا تعرف اسم الأخشيدي أصلاً، ولا مسماه الوظيفي.
رابعاً، أنت تقول إن خصم "حشد" هو الحكومة، وأنـــا أقـــول لك "لا، مـــا حــزرت"، خصم "حشــــد" بـرأيي – وأنا كما ذكرت لك لست من أنصار "حشد" – هو "كُتَل الشحم الزائد" التي تسمي نفسها كتلاً سياسية، والتي تحوّلَ أعضاؤها إلى ناطقين باسم الحكومة، وعلى كفالتها.
خامساً، أنت قلبت تشخيص الأمراض، فالفرعيات كما أراها ويراها الكثير من المنصفين هي "تسوّس أسنان"، والتسوّس مرض، ولي مطالبات، أنت تعرفها، بخلع الضرس، لكنني لم أعتبر التسوس يوماً "سرطاناً"، كما تعتبره أنت. يبدو أن شهادتك في الطب من الفلبين. فالسرطان هو ما تقوم به كتلة الوطني، بدءاً من التصويت في انتخابات اللجان وليس انتهاء بالتصويت على القوانين والاستجوابات.
سادساً، لو كان الأمر في يدي لما سمحت بقيام "حشد"، لأسباب لم تذكرها أنت، ولن أذكرها أنا.
سابعاً، أنت اتهمت "الشعبي"، التي هي نواة "حشد"، بالتطرف في الدور الرقابي على حساب الدور التشريعي، وكأنك لا تعرف أن الدور التشريعي انتهى بعد أن ضمنت الحكومة أغلبية البرلمان، ووضعت الكتل، وأولاها كتلة العمل الوطني، في علبة هدية صغيرة، وغلفتها بالسولوفان، وقدمتها إلى أطفالها الصغار يلهون بها، ولم يبقَ للمعارضة الحقة إلا الرقابة وفضح "البلاوي" أمام الملأ، كي تخجل الحكومة فتتراجع، وهي طريقة ناجعة إلى حد ما.
ثامناً، أنت تعتبر ما توقعه مسلم البراك من أن حضور المؤتمر السياسي الأول لن يقل عن ثلاثة آلاف مؤيد "غروراً سياسياً"، وأنا من أنصار ذلك الغرور، وأتمنى عليك أن تراهنني، والخاسر منا يتكفل باستئجار مخيم لموظفي هذه الجريدة ومحرريها وعائلاتهم يمرحون فيه ويسرحون مدة يومين، شاملاً الوجبات. موافق؟
ويا همّلالي…