باسم الله والله أكبر، ودّعوا أطفالكم، سأتحدث عن الاقتصاد، تحديداً عن صفقة بيع 46 في المئة من أسهم زين. وخيشة الحرية عندنا تتسع لكل ذي رأي، خصوصاً أن للمال العام نصيباً من هذه الصفقة، ولصغار المستثمرين كذلك.
ويا عيني على صغار المستثمرين الذين يشترون الطماطم بالأقساط، والذين قسّموا أنفسهم، ما بين متأهب للسكتة القلبية، ومنتظر للسكتة الدماغية في المحطة. وكان الله في عون الجهات الحكومية المعنية؛ هيئة الاستثمار، هيئة سوق المال، وزارتي المالية والتجارة، إدارة البورصة، سعدون حماد (يقال إن الفاضل سعدون ليس جهة حكومية خالصة، هو جهة تشارك فيها الحكومة). وسابقاً كانت هيئة الاستثمار – على طريق المثال – تجد نفسها بين خصمين؛ المال العام من جهة، وعمنا وعم الحكومة ناصر الخرافي حفظه الله من الجهة الأخرى، فترجح كفة عمنا لعدم تكافؤ الخصوم، فالمال العام سلتوح، قزم، شعره منكوش وعهنه منفوش، تخدّر قفاه وتمدد «من كثر اللسع»، أما ناصر فعملاق كقوم عاد، أو كثمود الذين جابوا الصخر بالواد.
هذا ما كان يحدث سابقاً، وهذا هو المعتاد، أما اليوم فالمعركة مختلفة، كان الله في عون الجهات الحكومية، فالمعركة بين عملاقين: عمنا وعم الحكومة ناصر الخرافي، والشاب العصامي خليفة علي الخليفة، وكلاهما «شبكت» له الحكومة أصابعها، فوضع قدمه، ثم أرخت له منكبها، فصعد واخترق الغلاف الجوي. وكلاهما أصدر بياناً (عليّ النعمة لا أدري أيهما أسوأ صياغة. أمرٌ عجاب. تقرأ البيانين فتتذكر حصة التعبير «إننا ذهبنا إلى البر، وإن البرّ شاسع جميل، إنه ممتع، والشمس ساطعة»، شنو هذا؟ ليت كاتبي البيانين يتعلمان الصياغة من «جمال الدين» مستشار غرفة التجارة، اهب يا قلمه، حتى وأنت ضده تصفق إعجاباً بصياغته)، المهم، كلاهما أصدر بياناً أعلن فيه خوفه على صغار المستثمرين، وكلاهما يضم المال العام على صدره ويمسح رأسه ودموعه، وكلاهما حساس، و»كلاي» أنا تأثرَت كما تأثرت «كلاهما»، فبكيت. وكان أسهل من ذلك وأصدق أن يعلنا أنهما يسعيان إلى الربح من دون تجاوز القوانين، وكنا سنصدقهما فوراً، لكنها الرقة المفرطة سامحها الله.
والتقى الجمعان، وارتفعت البيارق، لكن قبل الصدام بلحظات، وصل الإمداد وبانت طلائع الجيش الثالث بقيادة أبناء سمو الشيخ سالم العلي وحامل البيرق السيد علي الموسى، لينضم إلى الجيش الثاني، جيش الشاب العصامي خليفة العلي، لا حباً في زيد بل كرهاً لعبيد.
وهنا دعونا نحلل الأمور من الناحية النفسية… الجيش الأول، جيش ناصر الخرافي، لم يعتد الهزيمة، عاش حياته كلها يتنقل من انتصار إلى انتصار، حتى إنه لم يعد يحتفل بانتصاراته، كذلك الحال بالنسبة إلى الجيش الثاني، جيش الشاب العصامي، ذي الإمبراطورية الإعلامية الفاحشة، لم يُهزم في معركة قط، أما الجيش الثالث فالانتصار والهزيمة بالنسبة إليه كالليل والنهار، يتقلب بينهما، ولا مانع لديه من هزيمة جديدة، سيتدبر أمره، لكنه يريد أن ينتقم، خصوصاً والفرصة مواتية، والظروف ترقص له وتغمز بعينها.
وها هو جيش ناصر يتراجع، وفرسانه يتساقطون تحت حوافر خيل أعدائه، ويبدو أنه سينسحب تكتيكياً ليعيد تجميع جيشه وترتيب صفوفه، ولا ضير في ذلك، فهو يحارب ليكسب أرضاً، لا ليدافع عن أرضه كما يفعل خصماه.
والخشية و»الموت الحمر»، وهو ما أتوقعه، أن يتبادل الجيشان الأول والثاني الرسائل السرية أثناء نوم الجيش الثالث، فيتّحدا تحت بيرق واحد، وينضم إليهما سعدون حماد وبقية الجهات الحكومية، فيفتحا الخزينة ويجمعا كل ما فيها، ويحصل صغار المستثمرين على طارط، كل مستثمر صغير له طارط كبيرة… أي «تورتة» باللهجة المغربية.
ومع أنني لا أفهم سر «نزع» ناصر الخرافي ثيابه الاستثمارية في مجال الاتصالات، قطعة وراء قطعة (يبدو أنه يرى شيئاً لا يراه الآخرون) إلا إنني أصلي كي تتم الصفقة وينتصر، لسببين؛ كي يتم احتساب المكالمات بالثواني، وكي يتمكن الناس من الاحتفاظ بأرقامهم والتنقل من شركة اتصالات إلى أخرى، كما في غالبية دول العالم التي ليس فيها ناصر، ولا حكومة تخشى ناصر، عمنا وعم الحكومة، الذي تتكسر وعود الحكومة على صخرته.