محمد الوشيحي

أنت ينّي مينون؟

قسماً بالله لم أضحك منذ سنين كما ضحكت، قبل يومين، على المشعوذ الكويتي الجميل، الذي بدأ نجمه يرتفع في سمائنا الغراء. ولولا الخشية من أن يرفع ضدي دعوى قضائية (كما هي الموضة الآن) لذكرت اسمه، ولولا الخشية من أن تقع المقالة في أيدي الأطفال، لكان عنوان المقالة (+18)، كي آخذ راحتي وأنقل حرفياً ما يقوله هذا المشعوذ الكوميدي. لكنني سأنقل ما خف وزنه وغلا ثمنه من مفردات مشعوذنا الجميل، مصحوبة بترجمة ما يصعب منها على غير الخليجيين.
وسابقاً كان المشعوذون، أثناء تمثيلية إخراج الجني من الإنسي، يختارون كلمات مثل "اتق الله واخرج يا عاصي"، أو "اخرج يا عدو الله، قبل أن أحرقك بقراءة القرآن"، وما شابه، لكن حبيبنا هذا تميز عن غيره، وها هو يصرخ وهو يهدد الجني: "آنا سوبرمان فلان الفلاني بو فلان، ما قالوا لك عني؟ اسأل عني قبيلتك الينانوة (جمع "يني" أي جني)، يا النذل، يا عديم المروّة (المروءة)، تف عليك يا النغـ…".
يقول ذلك وهو يضرب المرأة "الملبوسة" فتبكي وتصرخ: "آآآآي عوّرتني" (أي أوجعتني)، فيصرخ بدوره مهدداً الجني: "لا تتكلم بصوتها يا ابن الكلب، ما تمشي علي هالحركات (أي لن تنطلي عليّ هذه الخدعة) تكلّم بصوتك مو بصوتها لا أعضّك وأزنطك وأنا أبوك" (أي أخنقك)، ولم أفهم كيف أدخل جملة "وأنا أبوك" هنا. على أنه كررها أكثر من مرة وهو يخاطب جناً آخرين، مسبوقة في العادة بجملة "اطلع يا وليدي"، أو "تكلم يا وليدي وأنا أبوك… أنت عاشق أو مبعوث؟ أنت مينون؟".
وتتصفح الموقع الإلكتروني للمشعوذ، فتقرأ عناوين "جني سوري درزي طيّار"، و"جني كويتي من عمار المنازل"، ولا أدري هل يقصد أنه جنّي معماري أم ماذا، أنا لم أفهم مسماه الوظيفي، قد يكون عاطلاً عن العمل، ويكفل على إقامته عدداً من الجنّ من جنسيات عربية وعدداً من جن الهند وبنغلاديش، يتلبسون البشر نيابة عنه، وقد يكون لديه مكتب محاماة وشريك من النواب الجن، هو يتعاقد مع الجن المجرمين بمبالغ خيالية، وشريكه يساوم الوزير. أو قد يكون معمماً متفرغاً لجني الزكوات، ولا عمل له إلا إرسال بيانات طائفية عبر "الفاكس" إلى الصحف. لا أدري.
وكم من مسكين ومسكينة عذبهم هذا المشعوذ. وغالبية من يتلبسهم الجن هم كبار السن معدومو الثقافة. شوف الصدفة. فالجنية الشابة اللهلوبة تتعلق بغرام شايب لم يبقَ من أسنانه إلا واحد يبكي على الأطلال، وتترك شبّان الكويت ذوي البلاك بيري والحسن والوسامة! والجني الشاب العفيّ الذي يرقص التيس على زنده، يترك صبايا الأفينيوز ومجمع (360) ذوات الرؤوس الممطوطة والأجساد الشمحوطة وألوان الماكياج المخلوطة، و"يتولّج" عجوزاً مقعدة، تلخبط كمبيوترها فتداخلت عطستها وكحّتها.
عموماً، "شمّروا" عن أيديكم وتفرجوا على "جمال" هذا المشعوذ، ولا تنسوا أن تكتبوا وصاياكم لأبنائكم قبل أن تموتوا من الضحك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو أن صحافتنا ملبوسة، فقد توقف زميلنا المثقف المبدع، علي الذايدي، الكاتب في جريدة "عالم اليوم" عن الكتابة. والذايدي كاتبٌ تفرغ لتوزيع أطباق الأناناس على المارة وعابري السبيل ومحبّي عموده الصحافي… يا للذة أناناس ذلك الذايدي.
له أقول: عد يا ذا الأناناس. عد كي لا يتجرأ الطقس السياسي الملوث على إفساد بقية الفواكه. عد واكتب عن الثقافة، مثلاً، أو أي مجال تشتهيه إذا كنت لا تريد إدخال السياسة إلى بيتك مرة أخرى. المهم أن تعود، كي لا نفتقد طعم الأناناس.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *