شهدت البشرية في النصف الأخير من القرن العشرين ، نهاية حقبة مهمة للبشرية ، إمتدت قرابة قرنين من الزمان ، إنها حقبة الثورات والتحولات الكبرى ، سواء على مستوى التوجهات التي عرفتها المجتمعات البشرية في مجال إختيار (مصيرها) ، أو على مستوى الفكر وتقدم العلوم والمعارف والتكنولوجيات !
وحصيلة هذه العوامل متضافرة فرضت على الفكر الانساني المعاصر ضرورة إعادة النظر في كثير من قيمه الأخلاقية والسياسية التي سادت حتى الآن ، عن ملامح الفكر الفلسفي ، وعن السمات العامة للجدال الدائر حالياً بين أسلوب النقاش والأخلاق ، وحول موضوع مظاهر التقدم العلمي وانعكاساته على الإنسان ، وعلى الثقافة ، وعلى القيم ، إنها ظروف وشروط جديدة تعاظمت فيها سلطة العلم والعلماء، وهوت فيها سلطة الحقائق التقليدية والقيم المطلقة والمنطق المخادع للواقع !
فهل بإمكان الفكر الحالي تحديداً، أن يستعيد دوره الأخلاقي ويبتعد عن السلوك المنحرف ، إزاء الفكر المعارض له ؟
أم أن إسلوب الشتم والتخوين لن يتغير ولا يوجد حياء إجتماعي لردعه ، وأصبح دور من يعتلي المسؤولية هو المهيمن على هكذا فساد !
كلها نتاج جهل المواطن عن فلسفة الحياة والعقل المدرك للواقع الحقيقي ، فاختيارنا للمشرع أصبح ينحصر فقط على إبن القبيلة والطائفة والتيار، وفقدنا رؤيتنا الوطنية التي تصب في خدمة أجيالنا وأحفادنا !
إن التحولات العالمية الراهنة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية تشكل تحدياً لنا ، ولا نملك الخيار غير مواجهة تلك التحديات بالعقل والمنطق والوفاء لوطننا من خلال البحث والعلم والتدقيق لإختيار من يراقب ويشرع لنا مستقبلنا ، لا أن ننجر خلف ستار النفاق والكذب والادعاءات المزيفة الخادعة لكي يسرقونا ويسرقوا الوطن باسم الوطنية.
إن نهاية التاريخ ، ونهاية الأيديولوجيا ، ونهاية المثقف ، ونهاية الداعية ، ونهاية السياسي ، ونهاية الحقبة الفاسدة ، ونهاية (دولة الرفاه) وغيرها من النهايات تشير الى تحول في الفكر الإنساني قد حدث ، وأن التغيير قد حدث ، وأن طرح السؤال الكبير وهو «فن صياغة وإنشاء وصناعة المفاهيم» قد ظهرت معالمه ، وبدأ حوار التغيير ورحل.. الحوار الشوارعـي !
والله المستعان ،،،