أعاد أحد المغردين لقاء تلفزيونياً لقناة الراي مع النائب عدنان عبدالصمد رئيس لجنة الميزانيات، يبدو أن اللقاء تم قبل بضعة أشهر، ولا يظهر أن الأرقام التي تكلم عنها السيد عدنان تغيرت أو تم نفيها من الحكومة، فقد قال إن هناك وكيل وزارة يتقاضى، إضافة إلى راتبه ومكافأة الوظيفة، ما يقارب الستين ألف دينار سنوياً، كمقابل لأعمال إضافية كفرق عمل ولجان ومجالس إدارات وغيرها، وأضاف النائب عدنان أن أحد المستشارين الأجانب يتقاضى، إضافة إلى راتبه، الذي يبلغ 5500 دينار، مكافأة سنوية تقدر بـ920000 دينار، وهناك قيادي يعمل في هيئة حكومية مرتبطة بالأموال العامة، وهذا من سخرية قدرنا مع السلطة، يتقاضى مثل هذا المبلغ، وله نائب يتقاضى أكثر من ذلك.
مثل تلك الأرقام ليست إلا أمثلة “بسيطة” على نهج الاسترزاق والتنفيع في الجهاز الوظيفي بالدولة، وهو شكل من أشكال كثيرة لصور الفساد الإداري المالي بها، التي يصعب حصرها أحياناً، ويحرم الحديث عنها في أحايين أكثر لارتباطها بمصالح متنفذين. سكت عنها ذلك الوقت الذي تم فيه اللقاء التلفزيوني، ولم يكترث لها قبل ذلك في سنوات “الطفحة” النفطية، فالكثيرون كانوا مخدرين و”مسطولين” بالهبات والمنح والكوادر المالية التي تفجرت خيراتها بعد أحداث الربيع العربي، تحقيقاً لسياسة “اطعم الفم تستحي العين” في النظام الريعي، لكن حتى الآن، ورغم مواعظ وتحذيرات الحكومة من الأوضاع المزرية القادمة للدولة، لم أسمع ولم أقرأ تصريحاً حكومياً واحداً يصحح أو ينفي ما سبق أو يعد بوضع حد له، وكان النائب عدنان قد وجه حديثه تحديداً للوزير الشيخ محمد العبدالله الذي يتبعه ديوان الخدمة المدنية، الذي كرس مثل تلك الاستثناءات الإدارية ومخصصاتها، وهو الشيخ الثابت في مكانه وصاحب مقولة “السكين وصل العظم”! حتماً السكين سيصل العظم وسيتجاوزه، ولكنه ليس عظامكم وإنما عظام الكثيرين من أهل البلد.
ما أكثر ما نكرر كلاماً لأهل الحكم بأن تخلقوا أمثلة تكون القدوة للناس في الملمات الكبيرة، وكونوا منارات في نهج التضحيات وبتر مواطن الفساد في إداراتكم والمؤسسات التابعة لكم، وحين يحدث ذلك لن يتردد المواطنون بدورهم في العطاء أو التضحية من أجل مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، المؤكد أنه لا أحد يسمع الأذان في مالطا، “فالشق عود”، ولا يوجد عند الحكومة ترزية ترتق ثوب الدولة الممزق، مستقبلكم عتمة.