لماذا تأذت مشاعر النائب أسامة الشاهين من مشهد شجرة “زينة” الكريسماس في جمعية الدسمة؟ ولماذا تفاعلت بسرعة معه الحكومة، كما تمثلها وزيرة الشؤون، وسارعت الأخيرة بإزالتها كما تزال قمامة مهملة في شارع من شوارع الدولة؟ وأرض الجمعية هي أيضاً ملك الدولة وتحت سيادة وأمر وزراء الدولة، هذا لتذكيركم بفضل الدولة فلا تنسوا.
بناء على شكوى من النائب أسامة، الذي يرى أن أمورنا في قضايا الحريات ودولة القانون بخير ونعمة، فلا زوار فجر ولا انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل سحب الجناسي وغيرها، مثلما كان يقول في حملته الانتخابية، وبعكس رفيقه في حدس النائب جمعان الحربش، طلب النائب أسامة أمراً من الوزيرة، وسارعت الأخيرة وأجابته لطلبه!
هو يمثل الأمة التي وضع بعض أفرادها الشجرة البلاستيكية بالجمعية، ومن سلطان ممثل الأمة أن يزيل الضرر الكبير عن جمعيات الأمة، وواجب الحكومة ووزيرتها أن تتجاوب مع نوابها وتعدل وتصلح أمور جمعياتها ومواطنيها، هكذا تبدأ مشاوير الإصلاح الكبرى، وهكذا نبدأ الانعتاق من قلق وخوف كارثة الاقتصاد الرهيبة القادمة، لا نريد أن نتوه بتفاصيل الأولويات الكبرى لنائب في مجلس الشباب الجديد، وأعود وأسأل: لماذا سببت شجرة الكريسماس البلاستيكية ذلك الأذى النفسي للنائب أو لناخبيه؟ ولماذا تعاطفت الوزيرة بسرعة وتألمت لحال أسامة “فقلعت” الشجرة من أرض الدولة، مثلما كانت الحكومة تقلع عدداً من المواطنين من هويتهم أي جنسياتهم، وتقول إنها أخطأت وسهت حين منحتهم الجنسية في وقت مضى، أو تقلع حرياتهم في التعبير البسيط، فتودعهم السجون بسبب تغريدة عابرة أو رأي خالف القانون، ولا تنسوا أننا في دولة قانون، وأينما تولوا وجوهكم هناك دائماً القانون، يعمل أو لا يعمل هذا ليس من شأنكم، يكفي أن تعرفوا أن لدينا قانوناً وكفى.
مرة ثانية، نسأل لماذا آذت شجرة الكريسماس البلاستيكية الحالة النفسية للنائب، وسارعت الوزيرة بإزالتها من “أرض الدولة” بعدما تألمت للوضع النفسي – الروحي للنائب أو (ربما أيضاً) لناخبيه؟ شجرة البلاستيك لم تمنع النائب من تأدية فرائضه الدينية، ولم تلهه أو تله غيره عن ممارسة حرياتهم العقائدية، هذه الشجرة لم تتسبب في هبوط أسعار النفط، ولم تمس جيب المواطن، ولم تمنع حركة الإصلاح العظيمة للاقتصاد والتعليم والصحة التي تقودها الحكومة “الجديدة” اليوم، بمشاركة الوزيرة هند التي أزالت الشجرة المؤذية لمشاعر النائب وروحه القلقة، وهو الذي كان مطمئناً تماماً لأوضاع الدولة الحقوقية، وكان يقول بحملته الانتخابية: الحمد لله أمورنا بخير…!
لماذا هذه الشجرة، التي قد تكون تافهة، وقد تكون معبرة عن مناسبة، وقد تكون حالة تغيير بسيطة تنبه عن نمطية حياة خاوية متيبسة، قد تكون رسماً بسيطاً في لوحة جفاف صحراوية خرجت عن المألوف، قد تكون الشجرة أي شيء في عالم ساذج سطحي إلا أنها كانت شكل شجرة ولم تكن شجرة؟ لماذا يشغل “الشكل” البلاستيكي وعي هذا النائب والوزراء والناس…؟ لعل حالتنا المترافقة مع ثورة شكل الشجرة هي حالة شكلية وطنية من نتاج الغرق الاستهلاكي الكبير بالشكل، لكنها بالتأكيد من دون شكل.