ليس هناك خلاف، حتى لدى أكثر الإخوان تشددا، على أن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين قام في عام 1990، بقيادة مرشده مأمون الهضيبي بحملة شرسة، مستخدما آلية «السمع والطاعة» مع كل الأتباع، ضد قيام الولايات المتحدة وحلفائها بعملية تحرير الكويت! وحصل حينها على موافقة وتأييد كل فصائل وتنظيمات الإخوان في جميع الدول التي تتواجد فيها، والعربية منها بالذات، بما فيها الكويت وإخوانها، لرفض التدخل الغربي واستبداله بقوات إسلامية لتحرير الكويت! وبالتالي فإن الخلاف لم يكن يوما حول ما إذا كان تنظيم الإخوان العالمي، وبالذات فرع الكويت، قد تنكر لقضيته، ولكل ما قدمته الكويت للإخوان من دعم، بل الخلاف كان دائما على من تكلم ومن خرس، ومن وقع ومن امتنع، ومن غاب ومن حضر. وخير شاهد على خيانة التنظيم العالمي للكويت تبرؤ «بعض» أعضاء فرعهم في الكويت منه بعد التحرير مباشرة. فإن لم يكونوا قد خانوها، فلم إذن قاموا بالادعاء وتكرار ترديد انفصالهم عن التنظيم العالمي، وتغيير مسماهم وبالتالي من المثير للاستهجان، بعد كل هذه الأدلة الدامغة، إصرار بعض فلول «إخوان الكويت» على الوقوف إلى جانب إخوان مصر وتونس والأردن وليبيا، وتأييد مواقفهم الحالية، وهم الذين سبق لهم أن كانوا، بنفس قياداتهم تقريبا، ضد الكويت وعملية تحريرها من الاحتلال الشرس!
* * *
إن التعذر ببراءة بعض إخوان الكويت من تهم «الخيانة» التي وردت في كل مقابلات المرحوم سعود الصباح، والقول انهم لو كانوا كذلك لما قامت السلطة بعد التحرير بتقريبهم، أمر مثير للضحك! فالسلطة، بشهادة الشيخ سعود نفسه، أو أعضاء مؤثرين فيها، هم الذين مكنوا الإخوان أصلا من الوصول الى ما وصلوا إليه، تنظيما ومالا وشركات وشبكات وتمددا وفروعا، والحكومة نفسها هي التي حمتهم، ولا تزال تحميهم، وهي التي فرضت منهم من شارك في وفد الصداقة الذي زار واشنطن، وليطلب، وبكل صلافة، وبحضور وفد الكويت الشعبي بشخصياته المعروفة، من مساعد وزير الخارجية الأميركية وقف تدخل أميركا عسكريا في عملية تحرير الكويت! وأسماء الوفد الشعبي موثقة، ولم ينكر أحد منهم يوما ما نسبه الشيخ سعود لهم ولذلك «الإخونجي» من سوء تصرف وقول، خالف به مواقف القيادة وبقية أعضاء الوفد!
إننا نكرر الكتابة في هذا الشأن ليس كرها، ولا حبا في الانتقام، فليس بيننا وبين اي منهم عداوة شخصية، بل لكي تبقى مواقفهم حية، ولا يعتمدوا على ضعف ذاكرة المواطن فيتم تقبلهم ثانية، ليعيدوا مد جذورهم أعمق ولتطال يدهم ما لا يفترض أن تطاله، فهم شر، في حلهم وترحالهم.