في بدايات الاحتلال البريطاني للعراق، وبعد أن تمكن الجيش البريطاني من هزيمة الجيش العثماني، أرسلت بريطانيا، إلى بغداد، السير رونالد ستورز، أحد أبرز دهاتها وساستها المحترفين.
كان ستورز هذا مقيماً في القاهرة لسنوات، ويتحدث العربية باللهجة المصرية، ويتقنها إلى درجة كبيرة جداً، ويعرف طبيعة الإنسان العربي جيداً، وجاء من القاهرة إلى بغداد لإنجاز بعض المهام الرئيسية، منها “مساندة الثورة العربية في مكة بقيادة الشريف، ضد الدولة العثمانية”، وتحشيد العشائر العراقية لتشكيل جيش منها يقاتل حليف العثمانيين “ابن رشيد” في شمال جزيرة العرب، و”كسب ود رجال الدين لتأمين حياة الجنود البريطانيين”، وغير ذلك من المهام الكبرى.
كتب هذا السير، بعد تقاعده وعودته إلى لندن، كتاباً نقل فيه فحوى أحاديثه مع العراقيين، وبالأخص رؤساء العشائر ومقاتليها. يقول إن لهجته المصرية كانت غير مفهومة بالنسبة لأبناء العشائر، ويذكر أنه سعى إلى إغرائهم بجدوى حرب ابن رشيد، وأنهم إن انتصروا عليه ستمنحهم حكومة بريطانيا كل جِمال/ نياق ابن رشيد، البالغ تعدادها أكثر من عشرة آلاف بعير، وغير ذلك من الغنائم.
المشكلة أنهم لم يفهموا لهجته المصرية، ويبدو أنه أصيب بالذهول، كيف لا يفهم العربي لهجة العربي الآخر! لذلك كتب إلى لندن، ما معناه: “هؤلاء القوم لا يعرفون إلا كلمة (بلي)، يردون بها على كل كلمة أقولها”. يبدو أنهم كانوا يعتقدون أنه يتحدث الإنكليزية مع بعض الكلمات العربية، مع أن حديثه كان مصرياً خالصاً. لذا اضطر السير ستورز إلى الاستعانة بمترجم يجيد اللهجة العراقية.
والكويتيون اليوم يطالبون حكومتهم باحترامهم في كل المجالات، خصوصاً في تعيين الوزراء، والحكومة ترد عليهم: “بلي”، وتقوم بتوزير بعض الفاشلين الفاسدين اللاعبين بالبيضة والحجر، رغم كل الظروف الداخلية والخارجية. يبدو أن حكومة الكويت لا تتحدث اللهجة الكويتية، لذا على الشعب أن يستعين بمترجم.