لاشك بأن منطقة الشرق الأوسط تمر في ذروة تصادم المشاريع الإقليمية في أكثر من بلد و انضم إليها المشهد اليمني أخيراً.
وما شكله عدم الاستقرار باليمن من تهديد مباشر على الخليج استوجب تحول استراتيجي للمفهوم الخليجي في إدارة الأزمات.
وهو الذي كان يعتمد على الحلفاء الدوليين بشكل أساسي، ولكن عندما شعرت الدول الخليجية باهتمام الدول الكبرى بالانفتاح على إيران من خلال المفاوضات الإيرانية-الغربية للملف النووي، وتجاهل هذه الدول لأمن منطقة الشرق الأوسط، أخذت زمام المبادرة في حماية أمنها القومي بسواعد أبنائها وهو قرار جريء ومبارك، تشكر عليه القيادة السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي.
ومن يعتقد بأن ما يحدث في اليمن هو شأن داخلي! فهو لم يتابع الأحداث السابقة للقرار الخليجي فعندما استحلت مليشيات الحوثي بقوة السلاح بمساندة بعض قيادات بالجيش، التي تدين بالولاء للمخلوع علي صالح للمعسكرات والمدن اليمنية أول فعل قامت به هو عمل مناورات عسكرية على الحدود السعودية! وهذه الاعمال العسكرية هي رسالة تهديد واضحة للأمن في السعودية!
تخيل لو استتب الأمر لمفهوم قوة السلاح في احتلال الدول؟ ماذا سوف ينتج لدول مجلس التعاون القريبة من المشهد اليمني! بالتأكيد ما حدث باليمن سوف يكون دافعاً لكل مجموعة تخريبية بدول الخليج لتكرار هذا المنطق، وما سوف يترتب عليه من عدم استقرار أمني في المدى البعيد لدول التعاون.
وأما وقد تصدرنا للمشهد اليمني في دعم قوات الشرعية اليمنية والذي بإذن الله سوف تحسم هذا التمرد، وتعطل مشاريع من يقف وراءه، فيجب ألا نقع بالفخ الذي تُخطط له مليشيات الحوثي والمخلوع!
وهو تحويل اليمن إلى حرب استنزاف للدول المشاركة بالتحالف، فإما الحسم السريع في العاصمة صنعاء لتغيير قواعد اللعبة وإما الوقف عند الإنجازات التي تم تحقيقها ومحاولة حمايتها.
وبهذه الطريقة سوف يضطر الحوثي والمخلوع للتحول من الدفاع وهو أقل تكلفة إلى الهجوم، وبهذه الطريقة تصبح دول التحالف هي من تستنزف داعمي المليشيات باليمن، حتى ينصاع المتمردون لقرار مجلس الأمن 2216 والذي ينص على:
الكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومات القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن وزير الدفاع محمود الصبيحي وعن جميع السجناء السياسيين وجميع الأشخاص رهن الإقامة الجبرية، وإنهاء تجنيد الأطفال وتسريح جميع الأطفال المجندين في صفوفهم.
كما نص القرار على دعوة جميع الأطراف اليمنية لا سيما الحوثيين إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن وتسريع المفاوضات للتوصل إلى حل توافقي.