بعد تقرير ديوان المحاسبة عن “تجاوزات” (نعت مخفف للفساد) العلاج بالخارج، حين بعثت وزارة الصحة أكثر من 6500 حالة علاج سياحي في الخارج، وبعد تقدم بعض النواب باستجواب لوزير الصحة، وكان استجواباً “ماله راس ولا كرياس”، أي بلا نتيجة، ومؤطراً على الطريقة الحكومية بتشكيل لجنة تحقيق فنية لقبر أي موضوع “تجاوز” (فساد للتأكيد)، وانتهى الاستجواب بحل “تيتي تيتي لا رحتي ولا جيتي”، يعني أيضاً بلا نتيجة، وبعد أن نبه سمو الأمير عن الفساد في العلاج بالخارج، وجد مجلس الوزراء (حسب مصدر الجريدة) الحل السحري لإنهاء وغلق ملف “التجاوزات” (الفساد) العلاج في “ريجنت بارك”، ومن على شاكلتها، بأن قرر إنشاء لجنة من ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والصحة لتنظم حالات العلاج بالخارج!
لا أجد غير كلمة “يحليلكم” يمكن أن نقولها لمجلس الوزراء، الذي جاء “ليكحلها فعماها”، ولا أدري هل هي مسألة استغفال “بلا مؤاخذة” للناس كي يبلعوا المسألة، أم انها عجز متأصل في الفكر الحكومي “ماله علاج” في العلاج، وفي كل إدارات الدولة بلا استثناء! المصيبة لم تكن في وزارة الصحة فقط حين ساير الوزير ما يطلبه المستمعون من كتل النواب في مجلس أبصم كي يتجنب سين وجيم نواب “أذنك وخشمك”، وهي بالمناسبة ليست قاصرة على د. العبيدي كي نكون منصفين، فمن سبقه من وزراء الصحة “تقريباً” كان لهم شرف تأسيس سوابق واسطات الفساد في ملفات العلاج بأكسفورد ستريت، هي تحديداً مسألة واسطات ومحسوبيات عند الوزارات الثلاث، وعند مجلس الوزراء برمته، فأي حل هذا الذي تطرحه الحكومة حين تبحث عن حل المصيبة عند رؤوس المصائب، وفي خزانة من خلقها وتعهد برعايتها من البداية…!
ليس هذا الهم الأكبر في ملفات الفساد والتجاوزات الإدارية، فهو نقطة من بحر هموم اللامبالاة والعجز السلطويين لحل قضايا الدولة، المحزن الباعث على اليأس هنا هي تلك الصورة البائسة التي تبرزها الحكومة ومجلسها ومن والاهما في مواجهة ملفات الفساد والهدر المالي… فهي تقدم لنا يوماً بعد يوم نموذجها التعيس لنهج العجز المتأصل في الإدارة السياسية لمواجهة الأزمات، روشتة السقم التي كانت تصفها السلطة مع مستشاريها لحل قضايا الأمس بالسعر المرتفع لبرميل النفط هي الوصفة ذاتها التي تصفها اليوم بسعر البرميل الكارثي!! كيف لنا ألا نقلق ولا نكترث حين نشاهد “سيفوه” المتسلط لا غيره، يخرج لنا عند كل زاوية وبكل منعطف زماني يصرخ بوجوهنا مردداً: ليس لكم غيري، أنا ومن بعدي الطوفان… ألا يعلم سيفوه أنه لا يوجد طوفان بصحرائنا المتربة، إنما هو “ماكو غيره” الطوفان… هو الأزمة من ألفها إلى يائها… وانفخ ياشريم قال ما من برطم… فلتحيا دولة سيفوه وشريم.
ملاحظة: “استقالة وزيرة العدل الفرنسية اعتراضاً على اقتراح إسقاط الجنسية عمن يثبت تورطهم في الإرهاب…”. (كويت نيوز) هل يتعلم الجماعة هنا من هذه الوزيرة معنى روح العدل!! بالمشمش.