ذكريات الطفولة البريئة كلها جميلة, وتذكرنا بمغمارات اللعب ليل نهار وأهم ما فيها انها تجعل السعادة تتسلل الى قلوبنا غلسة لتبعدنا عن متاعب الحياة التي تزداد مع ازياد العمر وكأننا نكبر ليكبر الهم والغم معنا .
وذكريات طفولتي الجميلة مرتبطة بالكويت وبحرها عندما كان يأخذنا الوالد يوم الجمعة الى شاطيء البحر لنسبح ونعانق امواجه ونلهو بالتقاط صدفاته المرمية على رمله المبلل . لم أكن المح أو أشاهد احدا غير اسرتي هناك وكأن الشاطيء ملك خاص لنا,.. كان والدي يأخذ المنقل ” الدوة” واللحمة ليعد طعام الشواء على صوت ام كلثوم وهي تغني وكانت امي تجلس على الحصيرة مع الارجيلة وتردد مع سيدة الغناء العربي “القلب يعشق كل جميل “… كنت كلما سمعت صوت الست اتذمر واقول في نفسي كم صوتها مزعج واستغرب انسجام امي لها… طبعا للسن احكام … وبما أنني اًصغر اخواني سنا او ما يسمى اخر العنقود كانت امي دائما تطلب منهم أن ينتبهوا عليّ عندما أدخل البحر لاسبح معهم ولم يكن يعجب اخواني ذلك الامر ابدا ،فاختلقوا شيء ما ليخفوني فيه ونجحوا به وهو الكف الاحمر . وفي كل جمعة نذهب الى البحر يخرجوا الكف الاحمر ليخوفونني به مدعيين أنه يقتل صغار العمر عند دخولهم البحر خاصة من لا يحسن العوم فكانت النتيجة طبعا ان أجلس بجوار امي طول اليوم فقط اناظر اخواني وهم يسبحون ويعانقون امواجه.
وكلما شعرت بالملل او تناسيت الخوف العب برمل البحر المبلل لعمل جبل صغير ثم اهدمه بقدماي الصغيرتان واعود راكضة الى حضن امي قبل أن يأتيني الكف الاحمر.
وبمرور الايام أدركت خدعة اخواني وان هذا الكف الاحمر ما هو الا قفاز غسل الصحون كانت تستخدمه امي في البيت واضافوا عليه اللون الاحمر ليظهر كالدماء.ومن ثم يخبؤونه تحت حجر كبير على شاطيء البحر فيخرجوه كلما ذهبنا الى هناك..
والان وعندما اصبحت أُماً اصبح الكف الاحمر وذكريات شاطيء البحر في الكويت حكايات أسرُدُها لابنائي فأضحك .
ذكريات طفولتي والصبا زرعت بقلبي حب الكويت الذي كان يكبر معي كلما كبرت …. فكم كنت اكره ان يأتي فصل الصيف لنقضيه بالسفر خارج الكويت وكم كنت اشعر أنني افقد متعة الصيف حيث كان هناك الكثير من البرامج الترفيهية كالاندية الصيفية والحدائق العامة وشاطيء المسيلة ونادي شاطيء البدع ببرامجهم المتعددة والمتنوعة وكنت استغرب ممن يحب الكويت كيف يستطيع ان يبتعد عنها, فلم أكن اجد سعادتي وراحتي وأمني الا اذا حضنتني أرضها الطيبة .فعلا من احب شيء لا يراه الا جميلا وفي عيوني كانت الكويت جنة الله في الارض وما زالت حتى في غيابي عنها كل هذه السنين .
آخر مقالات الكاتب:
- الفرق بين الغرب والعرب ليس نقطة
- الغزو العراقي – جرح موتني وأنا حي
- رسالة الى كل ارهابي من صقور الاردن
- يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة – بطل الملاكمة محمد علي
- شمس الامل – مركز الحسين للسرطان
- سلّم سواعده وبالخير واعده …. وعد الرجال
- يا طير الفجر سلّم عليها
- جمال الابتسامة … في امريكا
- السهم لولا فراق القوس لم يصب
- حلوى بحرينية وعمانية من سوق المباركية