*الجزء الثاني من الحلم الكابوس: على مرأى ومسمع من الجميع في ذلك المكان الغريب المهول المذهل، أعاد أحدهم النداء مرة ثانية وثالثة ورابعة: «أيها البحرينيون… أيها البحرينيون… نساءً ورجالاً.. صبية وصبايا.. أقول لكم.. إن من الحكمة أن تبقوا هنا في هذا المكان، فبعد قليل، سيقف على هذه المنصة (وأشار إلى مرتفع على هيئة هضبة أو ما شابه)… على هذه المنصة سيقف أحد أعداء الوطن والمواطن وسنحاكمه ثم نلقنه درساً».
ورأيت فيما رأيت من ذلك الحلم الكابوس في تلك اللحظات، شخصيةً محبوبةً بين أهل البحرين تقبل على المكان فهرع البعض لاستقبالها وهرعت معهم، وكان ذلك الرجل المهاب يبدو متعباً فسألته:«حجي فلان… حياك الله… عساك بخير… ما الذي أتى بك وبنا وبهؤلاء جميعاً إلى هنا… يبدو عليك التعب… ما الأمر يا حجي فلان»، وقبل أن يجيبني عانقني وعانق عدداً من الناس حولي ثم أجهش بالبكاء وهو يقول: «راحت عليكم… وايد أشياء راح يرتفع سعرها… يمكن عقب كم سنة سيكون هناك ضريبة على الهواء… من الحين يا عيالي خزنوا (هوا) اللي تقدرون عليه… وبعد، الشيء الزين انكم قللتو أكل اللحم… قلعته… خلوه يخيس… علشان لا تمرضون ويهاجمكم السكري والضغط والنقرس… لكن الياي في الدرب وايد صعب… مثلاً… إذا ما خاب ظني… قرص الخبز يمكن يصير بربية ونص!».
رأيت بأم عيني عشرات الناس وقد أغمي عليهم حينما سمعوا بسالفة (قرص الخبز بربية ونص)، ولم يكن أمامي إلا أن أصرخ وأنا أضحك بشكل هستيري بين الجموع : «الدياية… بألفين ناقة!»، وعلى أي حال، كان البعض ينظر ويشير بيده إلي وهو يقول: «هدوه… هاذي مينون… مصرقع»، وآخر اختار كلمات قبيحة مع أنه كان يعرفني جيداً من قبيل: «من زمان نعرف أنك (خريش)، لا عليك من هؤلاء الذين أغمي عليهم فهم يمثلون كذباً ويتظاهرون بأنهم في وضع معيشي واقتصادي سيء… الحمد لله كل شيء بخير… كلو تمام يا فندم… الناس عايشة بأحسن عيشة وتركب أفخم السيارات وتعيش في أفضل البيوت وتلبس أفضل الملابس… حذاري ممن يريدون أن يشعلوا نار الفتنة والتحريض والطائفية بيننا فنتذابح.
المهم… جماعة (كلو تمام يا فندم… أكلوا (تبن) حين وجدنا امرأة عجوزاً تخطت الجموع لتقول… سود الله وجهكم يا سودان الوجه… نركب أفخم سيارات ونعيش في أحسن البيوت… من وين هالكلام؟ تعال شوف البيت اللي سقفه طايح علينا… تعال شوف عيالي يكرفون من الصبح إلى الليل على راتب ما يكفي حتى لدفع فواتير الكهرباء و (ماجلة الشهر)… روح… روح لا ألحين أهفك بالعكاز أطيح ضروسك وأضيع مستقبلك…
جميع من في تلك الساحة حام عليهم طائر السكون… وما هي إلا لحظات، حتى رأينا صاحب النداء الذي ظهر على طرف الهضبة ومعه اثنان يجران كيساً أسوداً كبيراً أو (خيشة)… لا أعلم ما هي بالضبط… وقال الرجل :»ستبدأ المحاكمة الآن.. فهذا الذي وضعناه في هذه الخيشة، هو سارق، وهو الذي يريدكم أن تتناحروا… هذا الذي وضعناه في الخيشة هنا…
هتف الجميع… أي والله… أي والله… لا نريد هؤلاء المجرمين في بلادنا. لحظات، وفتح الرجل حبل (الخيشة) وإذا بخروف يجري هارباً بأقصى سرعة… نظرنا بدهشة لذلك الخروف الذي كان كالصاروخ وهو يهرب من الخيشة… وللكابوس محطات أخرى، قد تطول أكثر.