لم يتبقَّ تقريباً كاتب أو منظر او محلل سياسي او اقتصادي إلا وتبرع بتقديم النصح للحكومة في كيفية معالجة الاختلالات في مالية الدولة وفي الوضع الاقتصادي. والحق أن الحكومة كانت عادلة في تعاملها مع هؤلاء، حيث ساوتهم جميعا بالتجاهل. كما وأنها، والحق يقال، تجاهلت تماما كل توصيات لجان تعديل المسار الاقتصادي، التي سبق أن شكلتها، والبيوتات الاستشارية الأجنبية، التي سبق أن استدعتها، والتوصيات الدولية التي سبق أن طلبتها، والتجاهل بالسوية عدل بالرعية.
وفي ضوء هذه السلبية، التي قد يكون سببها صعوبة فهم ما يعنيه «إصلاح المسار الاقتصادي»، أو اتباعا لسياسة تأجيل القضايا الحيوية انتظارا لانفراجة ما، فإننا سنتبرع هنا بتقديم مجموعة من النصائح البسيطة الفهم والتطبيق، التي قد تساهم، في حال تطبيقها، في تحقيق وفورات مالية، وتحسين سلوك المواطن والمقيم.
أولاً: تكليف المرافق العمومية، مثلا، بمهمة توقيع وتحصيل قيمة مخالفات المرور، وبالذات المتعلق منها بالوقوف غير المسموح به. وهذا سيساهم في رفد خزينة الدولة بمبالغ كبيرة، وسيدفع الكثيرين الى الالتزام بالقانون.
ثانياً: فرض وتحصيل مبلغ مئة فلس على كل كيس تسوق نايلون يستخدم في السوبر ماركت او الجمعيات التعاونية، لدفع المستهلك الى إعادة تدوير هذه الأكياس أو استخدام أكياسهم الخاصة، وسيكون لذلك مردود جيد على البيئة وعلى ثقافة المستهلك، إضافة الى ما ستجنيه الخزانة العامة من أموال.
ثالثاً: زيادة الضريبة على التبغ المستورد، بكل أنواعه. وهنا ايضا سنحافظ على صحة المواطن والمقيم، ونزيد من الإيرادات الضريبية.
رابعاً: تكليف شركات، كالمرافق العمومية أو شركات التنظيف، بمهمة مراقبة استهلاك الكهرباء والماء غير المبرر، وخاصة في الاحياء السكنية، وفرض الغرامات على المخالفين، وهذا سينتج عنه تقليل هدر الكهرباء، وتوفير ما يرصد سنويا لصيانة أو بناء محطات توليد طاقة أو تكرير مياه جديدة.
خامساً: إلغاء عشرات اللجان والهيئات، غير المجدية، كهيئة أسلمة القوانين، التي مضى على إنشائها ربع قرن تقريبا، ولم يستفد أحد من وجودها غير «المكوشين» على مقدراتها. وسينتج عن ذلك وفر مئات ملايين الدنانير، رواتب وتكاليف مقار، وستقل جراء ذلك زحمة المرور.
سادساً: إنهاء عقود مئات المستشارين، الملحقين بعشرات الدواوين الحكومية، وبذلك نحقق وفراً ماليا من جهة، ونقلل حركة المرور من جهة أخرى، كما سيسرع ذلك من عملية اتخاذ القرار.
سابعاً: إجراء مزاد شهري لبيع ارقام السيارات الصغيرة أو المميزة، التي يرغب كثيرون في الحصول عليها بأي ثمن. ولا أعرف السبب وراء حجز هذه الأرقام. فالكثيرون يودون التميّز على غيرهم في نوع الساعة او موقع البيت أو ماركة السيارة، وهذا حق متفق عليه في ظل النظام الاقتصادي المتبع، وبالتالي من السخف استثناء أرقام المركبات من عملية التميّز.
وفي دراسة مبدئية أجريتها تبين لي أن من الممكن تحقيق ما لا يقل عن 200 مليون دولار من بيع لوحات أرقام مميزة.
وهناك اقتراحات كثيرة اخرى، لا يتسع المجال لذكرها.