خروج إيران من العقوبات الدولية ودخولها سوق التصدير النفطي بكل قوتها يسكب الملح على الجرح بدول مجلس التعاون، حين تغرق في سيول زيادة إنتاجها مع عدم وجود طلب بسعر مناسب لسلعتها اليتيمة، لكن على الجانب الآخر من صفحة التشاؤم يمكن أن نتفاءل قليلاً مثلما صرح مسؤول عماني بأن رفع العقوبات سيحقق نوعاً من أجواء السلام في منطقتنا الملتهبة، فالمعتدلون بالجمهورية الإيرانية مثل رئيس الدولة روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف سيكونون في مركز أفضل أمام قوى التشدد مثل الحرس الثوري ولجان ثورية دينية عدة، بعد أن أثبتوا رجاحة سياستهم في مواجهة المتشددين، واستطاعوا إخراج الدولة من لائحة العقوبات.
متابعة قراءة لنتأمل في حالنا الخليجي
اليوم: 19 يناير، 2016
مبروك للجار الإيراني
بعد رفع العقوبات عن إيران (يبدو أنها فرحة ما تمت، بعد الحديث عن استمرار العقوبات بسبب الصواريخ الباليستية)، أستطيع أن أقول للشبان الإيرانيين، بملء حبر قلمي: مبروك أيها الجيران الأكارم، كانت دولتكم منشغلة فقط بلبنان وسورية والبحرين واليمن والعراق والكويت ومصر وبعض الدول العربية، والآن يبدو أنكم، بعد إعادة أرصدتكم المجمدة، ستنشغلون بدول أميركا اللاتينية، وإقليم حوض الأمازون، فالميزانية تكفي لذلك وتفيض.
ونصيحتي، في حال أرسلتكم قوات الباسيج إلى هناك، أن تختاروا بوليفيا، فالشعب البوليفي شعب سمح إلى أقصى درجات السماحة، ولديه مساحة كبيرة من الحرية الجسدية والملابسية. الشعب البوليفي بالذات “فالّها ع الآخر”، إلى درجة أن البرازيليين يفاخرون بطبيعتهم المحافظة بالمقارنة بالبوليفيين! أي والله، تخيلوا.
متابعة قراءة مبروك للجار الإيراني
عجز الميزانية.. والقرار الضائع!
كانت التوقُّعات تتحدث عن ارتفاعات قياسية في أسعار النفط، تشير إلى احتمال بلوغها 150 دولاراً للبرميل، وقد تعدت أسعار النفط فعلا الـ100 دولار قبل 7 سنوات، وظلت مستقرة عند معدل الــ90 دولاراً، حتى قبل 3 سنوات، وقد حققت الميزانية وفراً مالياً مجزياً في تلك الفترة، رحلت مبالغ منه لاحتياطي الأجيال، وتحسب تلك الخطوة لوزير المالية الأسبق مصطفى الشمالي، كما بددت مليارات حينها، غالبا، لإنفاقات أو مصروفات غير ذات جدوى، تمثّ.ل بذخاً وإسرافاً بلا رؤية أو تخطيط، بل وبلا حسن تدبير، على الرغم من النداءات المتتالية للاستفادة من مرحلة الوفرة لأوقات العجز، لكن «عمك أصمخ»! ودخلت الحكومة وبعض أعضاء مجلس الأمة في سباق الصرف ربما لشراء الولاءات واسترضاء الناس؛ طمعاً في سكوتهم عن النقد وتلهية لهم في حياة الترف المادي، وهو ـــ برأيي ـــ قصر النظر المفرط لدى الحكومة ومجلس الأمة آنذاك، فتوالت مسلسلات الكوادر وزيادة المرتبات وتفريخ مؤسسات حكومية جديدة وزيادة الإنفاقات الاستهلاكية، وكأن هناك من كان يوزع تركة البلد تمهيدا لتصفيته، وتسابقت الحكومة مع المجلس بمشروعات القوانين التي تمنح وتهب وتوزع الأموال بمشاريع واقتراحات هزيلة تورث سلوكا تبذيريا واستهلاكيا جديدا على ما سبق من سلوكيات أضرت البلد، حتى انني كتبت أنه لا يجوز من الناحية الدستورية أن تكون اقتراحات قوانين الأعضاء مزايا أو عطايا أو إعفاءات مالية للناس؛ لأن تلك قاصرة على الحكومة من جهة، ولا يجوز أن تتم بالتحايل على قانون الميزانية، ولكن مرة أخرى «عمك أصمخ»!
وها نحن الآن نعيش مرحلة العجز المخيف بعد أن انخفض سعر برميل النفط لـ20 دولارا، وهو بهبوط درامي وسريع، وفجأة بدأت تتكلم الحكومة عن ترشيد فعلي لإنفاقاتها وتمكّنت من خفض الميزانية 4 مليارات، مما يعني أن رصدها من البداية لم يكن جديا ولا مدروسا، كما تتحدث عن تخفيض الدعوم، وربما فرض ضرائب، وكذلك رفع أسعار استهلاك الكهرباء، لكن الحكومة حتى اللحظة لم تتصرف بما يليق بها ومسؤوليتها، فقرارها رغم الظروف المالية الخانقة لا يزال تائها، فأين مشروعها الاقتصادي لمعالجة الحالة الراهنة؟! كيف ستحافظ على أسباب المعيشة الطبيعية للناس، ومن دون أن تمس أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، وتنجح في تقديم نموذج اقتصادي بآلية فعالة في ضبط هدر المحروقات وحلها بأسعار وفقاً لنظام الشرائح؟ وكذلك الشأن لرسوم الكهرباء، وفي فرض الضرائب ومراجعة الرسوم، وكسر احتكار الأراضي بفرض رسوم عليها وعلى عوائد الإيجارات، فهناك حلول فعالة تتوافر فيها العدالة والشفافية لا تحتاج الى عقول لتبتدعها ولا لدراسات لتبررها، إنما فقط الى قرار لتطبيقها، ويتزامن معها إلغاء كل مظاهر الإنفاق والبذخ بالمصروفات من أعلى المستويات لأدناها.
الطائرة والجراحة العميقة
عندما وقعت «غزوة» سبتمبر الإرهابية في أميركا كنت قريباً منها، وكان من المفترض أن أصل إلى نيويورك وأغادرها في ليلة وقوع الجريمة نفسها، ولكن طائرتنا تم تحويلها، لسبب تقني، لمطار آخر، ولم أستطع بالتالي الوصول إلى نيويورك إلا بعد عشرة أيام، لأن الحكومة الفدرالية أوقفت جميع وسائل النقل الجماعي، من طائرات وقطارات وبواخر، وحتى الباصات، وأصبحت حبيس الفندق في مدينة تبعد عن نيويورك، محطتي التالية في طريقي إلى لندن، بأكثر من 800كلم، فلم يكن أمامي غير التلفزيون والقراءة، فاكتشفت أن عدد رحلات الطيران في الولايات المتحدة، في كل يوم، يبلغ 37 ألف رحلة، منها 6000 خارجية! وأن عدد رحلات الطيران في بقية دول العالم يبلغ ضعفي ذلك، وتطير على 50 ألف خط، منطلقة من 9000 مطار أو أكثر. وهناك في أجواء الأرض طائرات يتراوح عددها بين 8 آلاف و13 ألف طائرة في اي لحظة في اليوم، حسب الموسم، وجميعها يتحكم بها من خلال نظام «جي بي إس» GPS، الذي تمتلكه وتديره أميركا وتقدمه مجاناً للعالم، من دون مقابل، وذلك من خلال 24 قمراً صناعياً تغطي الأرض.
متابعة قراءة الطائرة والجراحة العميقة