هناك مقولات قديمة نستعين بها ليس لضربها على واقعنا فقط، ولكن البعض يريد أن يوضح أنه مثقف أو «صايدها» كما يقال بالشعبي مع أن تراثنا فيه ما هو أبلغ من بعض تلك المقولات وتستطيع توصيل ما تريده بأسرع وقت من خلال المقولة الشعبية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر مقولة إن الشجر يموت واقفا من العطش، ولكنه لا ينحني طلبا للماء ويقصدون به أنه لا يترجى ولا يطلب الإنقاذ، ولكن الحقيقة أننا لا نعرف إذا كان الشجر قد مات بسبب العطش أو بسبب آخر لا نعلمه، وقد لا يصل إلى معرفته إلا المتبحرون في علم النبات، فهناك مئات النخيل ماتت ونحن نسقيها يوميا.
ولمن هو مقتنع عن عدم الانحناء عليه أن يعود لمقولة شعبية تخص حليب الإبل فما هو معروف عن ذلك الحليب أنه إذا كان قد تم حلبه من ضرع الناقة مباشرة فإنه يكون ذا رغوة كثيفة تكون هي الطبقة البارزة فوق الحليب ذي الفائدة.
وهناك طريقة لشرب ذلك الحليب تسمى «الندغ» يطلقونها على من يشرب الكمية الكبرى بالشرب «تحت الرغوة» فهو يشرب ومن ينتظر دوره يعتقد أن قد تبقى الشيء الكثير من الحليب بسبب تلك الرغوة التي لاتزال على وضعها الأول، ولا يعلم من بعده أنه تم «لط» كل ما في القدح دون أن ينتبه الآخرون عنه.
وهذه الحالة تشبه حال كثير ممن يستخدمون تلك المقولات الكبيرة ويحرضون الناس على أمر ما ولكنهم في الحقيقة هم كمن «يندغ» من تحت الرغوة ولكنه يتكسب بتلك الأقوال ويستغل من يصدقها لتكون له قاعدة كتلك الشجرة التي تموت ليستظل هو بها أو يقطعها للتدفئة.
أدام الله أشجاركم شامخة لخدمة بلدكم، ولا دام من يشرب من تحت الرغوة ويستظل بشجركم ويقطعكم ويتدفأ بكم.