تقوم «لجنة الكويت الوطنية للتنافسية»، وهي لجنة أهلية غير ربحية، سنوياً، بإصدار تقرير يلقي نظرة عامة على الوضع الاقتصادي الكويتي، ومدى نموه ومدى نجاح السياسات الحكومية في ما يتعلّق بسوق العمل ومالية الدولة العامة والتجارة الخارجية، وتطور سوق المال والشراكة بين القطاعين، ومجموعة أخرى من القضايا والمشاكل الاقتصادية المهمة، إضافة إلى وضع الكويت التنافسي على مستوى المنطقة والعالم.
ورغم الجهد الهائل الذي بذل في إعداد تقرير هذا العام، الأخطر منذ سنوات طوال، في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المسبوقة التي نمر بها، فإنني أشك في أن أحداً من مسؤولي الدولة قد كلّف نفسه الاطلاع على التقرير، دع عنك الاهتمام بدراسة محتواه. والحقيقة، أن الكويت لم تكن يوماً في حاجة إلى قراءة تقرير التنافسية، كما هي الآن، بعد الشح الخطير في موارد الدولة وانخفاض إيراداتها من البترول إلى أقل من الربع.
كان دأب الحكومة الحالية، والتي سبقتها، تغطية عيوب الاقتصاد والإدارة بالصرف المالي، وإسكات المعارضين، وهذه الوسيلة أصبحت الآن غير سهلة. وبالتالي، من الضروري الالتفات والاهتمام الجدي بتقرير التنافسية وتشكيل لجنة لدراسة الاختلالات الاقتصادية الخطيرة التي سلّط التقرير الضوء عليها، ومعالجة الاختلالات الخطيرة التي يشكو منها الاقتصاد، وأسلوب الإدارة العاجز. فترتيب الكويت في مدى سهولة ممارسة الأعمال في عام 2015 أصبح أسوأ بكثير مما كان عليه قبلها، بالرغم من كل وعود الحكومة بتطوير أعمالها وتقليل الدورة المستندية، وميكنة الإجراءات، وغير ذلك من «فارغ الكلام». فقد عانيت الأمرّين شخصياً من طريقة عمل وزارة التجارة في تأسيس شركة عادية، ولا أزال منذ بضعة أشهر وأنا ومن يمثلني يتخبط في دروبها.
يقول التقرير إن كفاءة مؤسسات أي دولة ينظر إليها على أنها أحد المتطلبات الأساسية لاستدامة الاستقرار الاقتصادي السياسي للدولة. ويتكون ركن المؤسسات، بحسب تقرير التنافسية العالمية، من 21 مكوناً، وهي: تكلفة الجرائم والعنف على الأعمال، استقلال القضاء، كفاءة النظام القانوني والفصل في المنازعات، كفاءة موثوقية خدمات الشرطة، كفاءة الإطار القانوني، الجريمة المنظمة، حقوق الملكية، ثقة الجمهور بالسياسيين، حماية الحقوق الفكرية، المحاباة في قرارات مسؤولي الحكومة، مدى قوة حماية المستثمرين، تكلفة الإرهاب على الأعمال، السلوك الأخلاقي للشركات، المدفوعات غير الاعتيادية والرشى، تسريب الأموال العامة، عبء اللوائح الحكومية، متانة التدقيق وإعداد التقارير، الهدر في الإنفاق الحكومي، حماية مصالح صغار المستثمرين، كفاءة مجالس الإدارة، وأخيراً درجة الشفافية في وضع السياسات الحكومية!
وتشير نتائج التقرير العالمي للتنافسية لهذا العام إلى تراجع ترتيب الكويت في ركن المؤسسات للعام للثالث على التوالي، فقد احتلت الكويت المركز الـ65 عالمياً بين 140 دولة، وترتيب قطر 4 والإمارات 9، والسعودية 24 وعمان 31.. فهل نحن بحاجة إلى إنذار أخطر من هذا؟ ومتى ستقوم الحكومة من سباتها؟!