أكثر جملة تتردد على ألسنة البعض، مصحوبة بتنهيدة صفراء، ودمعة زرقاء تغش الناظرين: “الله يرحم المعارضة أيام زمان، انظروا كيف كانت معارضتنا وكيف أصبحت”.
يردد هذه الجملة مجاميع مختلفة، ما بين صادق نية استطاعوا خداعه بكثرة ترديدها، وصادق نية أيضاً يرى أن الأجيال السابقة أفضل من المعاصرة في كل الأحوال، وسيئ نية يقيس الأمور كلها بمقاييس عنصرية ومناطقية ومذهبية، وموالٍ “عمياني” للسلطة يريد تبرير عدم معارضته، وهؤلاء هم الأكثرية، بتقديري، وغيرهم.
ماشي، لنطرح أسئلة تحمل أجوبة في بطونها: هل السلطة الحالية مثل السلطة السابقة، من كل النواحي، بلا استثناء؟ وهل الوزراء المعاصرون مثل الوزراء آنذاك؟ وهل الرؤية العامة للسلطة الحالية مثل الرؤية العامة للسلطة آنذاك؟ وهل عُرضت رشاوى بحجم “يربك المصارف”، ويخض بطون النمل، على نواب ذلك الزمان؟
والأهم، هل كانت الموالاة “زمان” بوقاحة الموالاة “اليوم”؟ بمعنى، هل كان نواب الحكومة في “الزمانات” يشتمون المعارضين ويطعنون في أعراضهم؟ وهل كان الناس يتعاملون باحترام مع موالاة زمان كما يتعامل الناس اليوم مع الموالين، ويجلسونهم في صدارة المجلس، أو صدر المجلس؟ وهل كان المقربون من السلطة، ومستشاروها، في الزمانات، بمستوى الحاليين؟ بل هل مر، في تاريخ الكويت الدستوري، برلمان مثل البرلمان الحالي؟ وهل كان الشعب، في الزمانات، مجزّأً ومفتتاً، بفعل فاعل، كما هو الحال اليوم؟ وهل كانت إيران، في الزمانات، تسعى إلى تصدير ثورتها إلى كل الدول، وفي مقدمتها الكويت؟ وهل التجار، هذه الأيام، بمستوى وأمانة التجار في الزمانات؟ وهل جودة المشاريع في هذه الأيام بجودة المشاريع في الزمانات؟
وهل كان تلفزيون الدولة (لم أقل تلفزيون الحكومة) سابقاً يعادي المعارضين كما يفعل تلفزيون الدولة في وقتنا هذا؟ وهل كانت وسائل الإعلام، في الزمانات، خاضعة للسلطة بطريقة مقززة، وتتقرب إليها بالانحناء وتقبيل الأكتاف والأيادي، كما هي غالبية وسائل الإعلام اليوم؟ ولولا خشيتي أن تموت الأمثال بين يديّ، ما توقفت عن ضربها، لكنني سأقول باختصار: لا فرق بين المعارضة في الزمانات والمعارضة اليوم. والحياة مراحل. وطموح معارضة اليوم أعلى من طموح معارضة الأمس. نقطة.