من الواضح أننا في وسط حرب ديبلوماسية خليجية ضد إيران وسياستها الخارجية المسيئة للدول الخليجية والتي تبدأ من دعم إيران للمخربين والشبكات الإرهابية في اكثر من بلد خليجي وصولا إلى التصريحات الإيرانية المستفزة الأخيرة والتي تعتبر تدخلا في السياسية الداخلية الخليجية، وأعني بذلك اتهام إيران الموجه للمملكة العربية السعودية على خلفية ممارستها حقها في مكافحة الإرهاب والخارجين عن القانون واقصد بذلك ـ تنفيذ أحكام الإعدام في متهمين بعضهم ينتمون لإرهابيي داعش والقاعدة ومنهم من ينتمي لإرهابيين من الشيعة.
تصريحات المسؤولين الإيرانيين تعتبر تدخلا سافرا في شؤون المملكة العربية السعودية، إلا أنها فضحت دعم إيران ورعايتها للإرهاب الشيعي في البحرين والقطيف.
آخر بلد في العالم يحق له الحديث عن أحكام الإعدام وحقوق الإنسان هي جمهورية الرعب الإيرانية، فتقارير المنظمات الدولية مليئة بالتجاوزات الإيرانية من الاعتقالات والتعذيب إلى الأرقام القياسية في الإعدامات والتي تنفذ علنيا وبشكل مقزز ودون محاكمات عادلة!
فبحسب تقرير المنظمة الدولية لحقوق الانسان الصادر في اكتوبر 2014 هناك اكثر من 880 حالة إعدام في إيران، واغلبهم لم تتوافر لهم محاكمة عادلة.
ردة الفعل الإيراني ضد السعودية من تصريحات رسمية وما تبعها من حرق السفارة والقنصلية السعودية هي محاولة إيرانية لممارسة الغطرسة ضد الخليجيين واستكشاف آفاق السياسية السعودية الجديدة، ولكن إيران فوجئت بردة فعل حكومة ملك الحزم والتي ردت الصاع صاعين ديبلوماسيا وإعلاميا حتى تحول الإيرانيون من موقف الهجوم إلى موقف الدفاع ومن ممارسة الغطرسة إلى تقديم الاعتذارات!
كان الموقف العربي والإسلامي المبدئي مؤيدا لإجراءات المملكة العربية، وربما اللافت في الأمر ـ هو موقف الدول الخليجية والتي راهن البعض عليها ـ والتي أيدت ودعمت المملكة ووقفت إلى جانبها.
بالرغم من تنوع مستويات الإجراءات الديبلوماسية الخليجية تجاه إيران، من قطع علاقات وسحب السفراء إلى استدعاء السفراء وتسليم مذكرات الاحتجاج إلا أنها في نهاية الأمر هي إجراءات ديبلوماسية احتجاجية تعبر عن غضب الخليجيين من سياسة إيران ودعمهم لموقف المملكة العربية السعودية.
يبدو أن إيران اضعف جدا مما كان يعتقد الكثيرون من حلفائها او حتى المنافسين لها.
فإيران تركت حلفاءها لمصيرهم في اليمن والخليج عموما بعد أن ورطتهم بارتكاب جرائم ضد مجتمعاتهم، ففي العراق لم يجلب التدخل الإيراني الاستقرار، بل لم تستطع إيران الدفاع عن حلفائها بالعراق إلا بمساعدة الأميركان والبريطانيين، وفي سورية لو لا التدخل الروسي لسقط حكم الأسد كما يتساقط جنرالات إيران فيها. المشكلة أن إيران هي من تكشف عن ضعفها بسلوكها المتهور وغير المدروس!
الخلاصة: إيران متضايقة من السعودية لأنها تتقدم في حربها ضد وكلائها بالمنطقة من سورية إلى اليمن بل وحتى بالداخل السعودي والخليجي.
ولو اختصرنا المشهد السياسي الإقليمي ببعض كلمات ـ لقلنا «رتبت إيران أوراقها في المنطقة بصعوبة جدا، دفعت خلالها النفس والنفيس للسيطرة عليها، وفجأة جاء الملك الحازم وخلط الأوراق بوجه الإيرانيين».