● “الفكرة لا تسجن أو تعدم” مبدأ ثابت بالنسبة إلي لا يتغير مهما تغيرت الأسماء أو الشخصيات.
● كل الدول العربية ومعها الدول ذات الأغلبية الإسلامية أيضا لا تولي اعتباراً حقيقياً للتعبير وحرياته، حتى تلك الدول المتقدمة في مؤشر الحريات، في تلك الدول هي متقدمة على محيطها لا على الصعيد العالمي المتحضر، لذلك فالتوقع من تلك الدول بوضعها الحالي أن تحترم حرية التعبير هو أمر لا ينمّ عن واقع أبدا.
بعد تلك التوطئة لرأيي الخاص أكتب عن حدث جعل من المنطقة تقف على صفيح ساخن، وهو قيام المملكة العربية السعودية بإعدام أكثر من 40 شخصا في بداية العام بتهم متعلقة بالإرهاب، ولم يلتفت أحد إلى هوية المعدومين بشكل كبير باستثناء شخصية دينية واحدة تعتنق المذهب الشيعي، وقد تفاوتت الآراء بين ترحيب واستنكار بتلك العقوبة، وهو أمر طبيعي إلى الآن، ونشاهده في كل حدث صغير كان أو كبير، فالإنترنت أتاح المجال لمختلف الناس والجهات في التعبير عن آرائهم وتداولها بشكل كبير، وقد كتبت رأيي الخاص بتوطئة هذا المقال دون النظر إلى الهوية.
إلا أن الحدث الاستثنائي بعد قيام المملكة العربية السعودية بتطبيق عقوبة الإعدام هو موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية منه، فقد استنكرت وأدانت وهددت وصعّدت على المستوى الرسمي، وأكرر على المستوى الرسمي هذه العقوبة تحديدا تجاه الشخصية الدينية التي تعتنق المذهب الشيعي، وما تبع ذلك التهديد من تعدٍّ شعبي على سفارة وقنصلية المملكة العربية السعودية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية دون ردع فوري من الأمن الإيراني لتلك السلوكيات الشعبية الإيرانية المشينة.
وهنا المشكلة، فمن الذي خول إيران تقييم الأحكام القضائية في دول الجوار، سواء كانت تلك الأحكام جائرة أم عادلة؟ أنا أعتقد بل أجزم أن ما حرّك الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو انتماء الشيخ نمر النمر إلى المذهب الشيعي، وهنا العلّة، وأقصد بالعلة هو الدور الذي تحاول أن تفرضه إيران على المسلمين بأنها تعتبر كل الشيعة في العالم يتبعونها بحكم تبني الجهورية الإسلامية الإيرانية للمذهب الشيعي، وهو أمر مرفوض ويجب ألا يحدث أبدا، فعقيدة الإنسان شأن خاص به يجب ألا يرتبط بكيان أو دولة، فلو أفسحنا المجال لهذه الفكرة لتدخل “الفاتيكان” في كل عقوبة تطول الإنسان المسيحي في العالم، وللعبت إندونيسيا الدور نفسه تجاه أي عقوبة تطول الإنسان المسلم في العالم، ولعبت السعودية الدور نفسه على العقوبات التي تطول معتنقي المذهب السلفي في العالم، وهو أمر مرفوض وغير مقبول.
نعم هناك عقوبات ظالمة في كل دول العالم وفي العالم الإسلامي بشكل خاص، ولا أستثني أي دولة، ولكن هذا لا يعطي الحق لأي دولة أخرى أن تتدخل وتقدم نفسها كحامية لمذهب أو عقيدة، فمعتنقو العقيدة والمذهب بالنهاية هم مواطنون في دولهم، ولا يوجد ما يجعلهم منتمين بناء على العقيدة إلى دولة أخرى، فإن كان هناك من ينتمي إلى المذهب الشيعي أو السني أو المسيحي ويرغب في أن تتولى دولة غير موطنه الدفاع عنه، فعليه اللجوء إلى تلك الدولة لتكون هي موطنه، تلك المسألة ببساطة.
إن ما حدث وسيحدث مستقبلا يؤكد أهمية عزل العقائد والأديان عن الدول، فيجب ألا تكون هناك دولة سنية أو شيعية أو مسيحية أو يهودية، فالمواطنة على أساس العقيدة أمر غير سوي ولا يصح أبدا، إن المواطنة هي عمل من أجل البناء والتطوير لا متابعة ما يحدث لأبناء المعتقدات نفسها في كل بقاع الأرض، واتخاذ مواقف سياسية قد تقود للحروب والويلات.
ضمن نطاق التغطية:
عزيزي الشيعي وحبيبي السني وطنك هو المكان الذي تنتمي إليه، فإن كنت تعتقد أن وطنك هو المكان الذي يكثر فيه عدد أبناء مذهبك، فبادر فوراً باللجوء إلى ذلك المكان، عزيزي الحاكم، أنت لا تمثل مذهباً بل تحكم وطناً يجمع كل المعتقدات شئت أم أبيت، فليكن حكمك قائماً على هذا الأساس تفلح.