يقول المولى عز وجل: «وَإ.ذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاس. أَن تَحْكُمُوا ب.الْعَدْل.» صدق الله العظيم.
وجاء في نص المادة 162 من الدستور الكويتي «شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم، أساس الملك وضمان للحقوق والحريات».
إن المعاني الجليلة التي تجسّ.دها الآية القرآنية الكريمة، والتي أكدها الدستور الكويتي، تجلي عظم رسالة إقامة العدل، وتبين أثرها في إشاعة الطمأنينة والاستقرار في المجتمع، بما يمثله القضاء من ضمانة بفضائل وقيم الاستقلال والنزاهة وتحري العدالة.
ويلحظ المتابع لأحكام القضاء الكويتي واتجاهاته في السنوات الأخيرة، أن هناك قصوراً وانكماشاً، بل وتذبذباً في تعزيز استقرار المبادئ التي تدعم الدور المرتقب للقضاء. وفي تقديري وتحليلي لاتجاهات القضاء أستطيع أن أدوّن أسباب ذلك بالملاحظات الآتية:
– إن استمرار الجمع بين رئاسات القضاء الثلاث، وهي المجلس الأعلى للقضاء ورئاسة المحكمة الدستورية ورئاسة محكمة التمييز، خلافا للسائد في دول العالم من فصل بين هذه الرئاسات، فوَّت فرص تنوع الاجتهادات ومدارسها وتعدد المرجعيات القضائية، وضمور فرص الرقابة الذاتية والبينية، ومن ثم رتابة العمل القضائي وبطء تطوره.
– إن أسلوب وإجراءات العمل القضائي وروتينية رئاسات المحاكم لم تواكب مسارات القضاء المقارن، الذي تطور في إجراءاته، التي من أبرزها تجاوز الأقدمية في تولي المسؤولية القضائية، وتقليص مراحل التقاضي، وتدوين آراء القضاة بين أغلبية وأقلية، وتبني توجهات تدريب القضاة إلى جوار آلية مخاصمة القضاء ومحاسبتهم.
– ان المحكمة الدستورية في عدد من أحكامها قد جانبها الصواب في إرساء مبادئ تستنطق أحكام الدستور على الوجه الصحيح، إذ خرجت عن مناطق اختصاصها، حينما زاحمت مجلس الأمة في ميدانه بمراقبتها للضرورة بالمراسيم بقوانين، وعندما قامت بمهام محاكم أخرى، إذ فسرت القوانين، رغم أن اختصاصها قاصر على تفسير الدستور، وكذلك عند تصديها للفصل في مسائل لم ترد في طلبات الخصوم.
– ويلحظ أخيراً أن المحاكم مقيدة لنفسها في تحقيق غاياتها بإرساء العدالة وإجلاء الحقوق، حينما تتقيد بالنصوص المانعة من نظرها لدعاوى معينة، أو عدم منطقية بعض العقوبات الجزائية، رغم وضوح مجافاتها للدستور، وهو ما كان حري معه أن تثير عدم دستوريتها وتحيلها الى المحكمة الدستورية، لتحرر نفسها من تلك القيود، وتنهي وجود تلك القوانين.